في تصعيد غير مسبوق على الساحة السياسية الأميركية، تصدرت الأزمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك عناوين المشهد السياسي، وسط تحركات مكثفة من أطراف جمهورية لاحتواء الخلاف وتهدئة التوتر. وقال ترمب في مقابلة تلفزيونية مع شبكة NBC إن العلاقة مع ماسك "انتهت بالكامل"، محذراً إياه من "عواقب وخيمة للغاية" إذا قرر دعم الديمقراطيين أو ضخ أموال في حملاتهم الانتخابية خلال السباق الرئاسي المقبل. وأضاف الرئيس الجمهوري السابق:
"لا أحترم رجلاً لا يحترم الرئيس الأميركي... لن ألتقيه مجددًا ولا أرغب في الحديث معه."
الخلاف بين الطرفين لم يكن وليد اللحظة، بل تراكم على مدى أشهر من التصريحات المتبادلة والتباينات في المواقف. فقد انتقد ماسك علنًا سياسات ترمب الاقتصادية، وعبّر عن رفضه لزيادة الرسوم الجمركية المقترحة من قبل الإدارة الجمهورية. كما أبدى امتعاضه من بعض توجهات الحزب الجمهوري بخصوص الهجرة والتكنولوجيا الخضراء.
وما زاد الطين بلة، هو تلميح ماسك إلى إمكانية تمويل مرشحين ديمقراطيين أو حتى دعم مرشح ثالث في الانتخابات المقبلة، ما فسره ترمب ومقربوه على أنه تهديد مباشر لفرصه في الفوز بولاية رئاسية جديدة.
ورغم التصعيد، دخل عدد من الحلفاء المشتركين على الخط في محاولة لاحتواء الأزمة، أبرزهم السيناتور الجمهوري جي دي فانس، الذي صرح قائلاً:
"ماسك وترمب شخصيتان محوريتان في مستقبل الحزب الجمهوري. آمل أن نرى توافقاً قريباً بينهما لأن القاعدة الشعبية تحتاج إلى وحدة، لا انقسام."
كما أشار بعض المقربين من الطرفين إلى وجود "قنوات اتصال غير رسمية" تهدف لتهدئة الأجواء وإعادة الأمور إلى مسارها، خصوصاً في ظل اعتماد مشاريع حكومية كبرى – وعلى رأسها وكالة ناسا – على تقنيات شركات ماسك، مما يضع واشنطن في موقف محرج في حال استمر التصعيد.
وقد يؤدي انفجار الخلاف إلى انقسام في صفوف الناخبين اليمينيين، خصوصاً إذا قرر ماسك دعم مرشح ثالث أو تأسيس حزب بديل، وهو ما ألمح إليه في تغريدة سابقة عندما تحدث عن "حزب أميركا" الذي "يمثل الأغلبية الصامتة".
ورغم التصريحات العدائية المتبادلة، أكدت مصادر سياسية وإعلامية أن هناك جهوداً "وراء الكواليس" لرأب الصدع بين الطرفين. وقال النائب الجمهوري جيمي باترونيس إن "الصلح قادم لا محالة"، مؤكداً أن "ترمب وماسك ينتميان إلى عائلة سياسية واحدة، والخلافات لا تدوم".
أما في أروقة الكونغرس، فالمشهد أكثر تعقيداً، إذ عبّر عدد من الديمقراطيين عن رفضهم لانضمام ماسك إلى صفوفهم، واصفين إياه بأنه "شخصية متقلبة وغير موثوقة، مثل ترمب". كما أثارت معركة النفوذ هذه تساؤلات حول مستقبل العقود الحكومية مع شركات ماسك، مثل تسلا وسبيس إكس، التي حصلت على عشرات المليارات من التمويل العام.
يُذكر أن ماسك لمح إلى إمكانية تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أميركا"، وقال إنه سيمثل "80% من الأميركيين العالقين بين الحزبين الرئيسيين"، مما يهدد بإعادة تشكيل المشهد الحزبي الأميركي بالكامل.
وبينما تحبس واشنطن أنفاسها، يبدو أن معركة ترمب–ماسك قد تحسم ليس فقط مصير حملات انتخابية، بل اتجاه السياسات التكنولوجية والفضائية والضريبية في البلاد لسنوات قادمة.
وشركات ماسك تعتمد بشكل كبير على العقود الفيدرالية، سواء في مجال الفضاء (سبيس إكس)، أو الطاقة (تسلا)، وأي توتر سياسي قد يؤثر على هذه العلاقات الاستراتيجية.
وبما أن ماسك يمتلك منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، فإن استمرار الخلاف قد يُترجم إلى معركة تأثير ونفوذ رقمي بين المعسكرين، مما يضرب مصداقية الخطاب السياسي ويزيد الاستقطاب المجتمعي.
وحتى الآن، لا مؤشرات واضحة على تراجع أي من الطرفين، لكن مراقبين يرون أن مصالح الطرفين قد تدفعهما، عاجلاً أو آجلاً، إلى نوع من "الهدنة التكتيكية" قبيل الانتخابات. فترمب يدرك ثقل ماسك الإعلامي والمالي، في حين يعلم ماسك أن معاداة البيت الأبيض – أياً كان ساكنه – ليست استراتيجية رابحة على المدى البعيد.
وبينما يترقب الشارع الأميركي تطورات هذه القطيعة المفاجئة، يبدو أن الخلاف بين ترمب وماسك بات أكثر من مجرد نزاع شخصي؛ إنه صدام حقيقي بين رأسيْن من رؤوس السلطة في العصر الأميركي الحديث: السلطة السياسية من جهة، والسلطة التكنولوجية من جهة أخرى.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ترامب يخير إسرائيل بين إنهاء الحرب في غزة أو التخلي عنها وسط ضغط خليجي وأميركي متصاعد
ترامب يلمح إلى أن تشخيص بايدن بالسرطان كان معروفاً منذ مدة
أرسل تعليقك