من الطباشير إلى الألواح الذكية كيف تغيّرت الغرف الصفية في العالم العربي
آخر تحديث GMT18:05:22
 لبنان اليوم -

من الطباشير إلى الألواح الذكية كيف تغيّرت الغرف الصفية في العالم العربي

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - من الطباشير إلى الألواح الذكية كيف تغيّرت الغرف الصفية في العالم العربي

مدرسة
بيروت ـ لبنان اليوم

في صباحٍ صيفيّ بمدرسةٍ ثانوية للبنات، تضع المديرة تيريزا هاتفها على الصامت قبل أن تقرأ الرسائل التي وصلتها على الواتساب: واجب أُرسِل رقميّاً، وشكوى من انشغال طالبةٍ بمنصّةٍ تعليمية أثناء الحصّة، واستفسارٌ عن موعد مقابلة أولياء أمور مع المرشدة.

على الطرف الآخر من الباب، صفٌّ تتداخل فيه الألواح الذكية مع دفاتر ملوّنة وهواتف يستعملنها الطالبات لحل الواجبات.

تقول تيريزا اليوانسة، التي تُدرّس الموسيقى منذ قرابة عشرين عاماً، وتدير مدرسة ثانوية للبنات اليوم لبي بي سي: "تغيّرت شخصية المتعلّم والمعلّم 180 درجة. فمن الطباشير والسبورة إلى الشاشات والهواتف، صار الطالب الذي كان متلقّياً صامتاً شريكاً يناقش ويبحث، لدرجة أن بعض المعلّمين يجدون أنفسهم أحياناً في حرجٍ حين يعرف الطالب في موضوع درسهم أكثر منهم".

تلك القفزة التكنولوجية التي سرّعها وباء كورونا، لم تُبدّل أدوات الدرس فحسب، بل أعادت تعريف الدرس ذاته؛ من تعليمٍ يتمحور حول المواد المكتوبة الجافة، إلى تعلّمٍ يتمحور حول المهارة، ومن معلّمٍ يُلقّن إلى معلّمٍ يُيسّر وينمّي خبرات الطلاب العملية. ومع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، برز سؤالٌ يُلخّص المشهد: لماذا يأتي الطالب إلى القاعة ما دام يستطيع العثور على المعلومة من سريره؟

يقدّم د. مالك الشرايري، نائب رئيس الجامعة الألمانية الأردنية لبي بي سي، صورةً بانورامية لما جرى خلال العقدين الماضيين.

"أصبحت فترات انتباه الطالب أقصر، والكتاب تراجع لصالح الوصول اللحظي إلى الإنترنت، والواجبات المكتوبة تكاد تندثر، وصار نادراً أن تجد طالباً يعتمد على المادة المكتوبة."

يركّز الشرايري على الصبر الذي يفتقده طالب اليوم، ويرى أنه "ضروريّ بصفته مهارة وقيمة على المدرّس أن يغرسهما في طلّابه ليحضّرهم لما بعد الجامعة".

في هذا السياق تغيّر تعريف الطالب القوي.

يقول الشرايري إن المفاضلة لم تعد تميل لمن يجمع العلامات ويحفظ الأنظمة، بل لمن "يفكّر بشكلٍ مختلف، ويبني حجّته ويدافع عنها، ويعرض أفكاره ويتواصل بفاعلية، ويضع خطةً شخصيةً لمعنى ما يتعلّمه". ويضع الشرايري التحوّلات ضمن نقلةٍ أوسع؛ من التدريس إلى التعلّم: "لم يعد السؤال كم ندرّس، بل كيف وماذا ندرّس، وكيف يكتسب الطالب الكفاءة والمعرفة لسوق العمل".

يركّز الشرايري على ما يسميه عولمة الجامعات: "ينبغي أن تكون كل جامعةٍ عالمية لا محليّة، تفتح فرص التبادل، وتتيح للطالب الاحتكاك بطرق تفكير وثقافات مختلفة، وتُنمّي كفاءاتٍ عابرة للثقافات، وتعطي الطالب القدرة على وضع الذات في مكان "الآخر" لفهم كيف يراه.

يرى الشرايري أنّ وباء كورونا سرّع هذا المسار قسراً؛ فما بعد 2020 ليس كما قبلها من ناحية أدوات التدريس والامتحانات والتقييم. ويجادل بأن "المؤسسة التعليمية التي لا تدمج التقنية سيعفو عليها الزمن".

وهنا يطرح سؤال القيمة المُضافة داخل القاعة نفسه على الطاولة: إنْ كان الطالب يستطيع تحصيل المعلومة عن بُعد، فما الذي يمكن أن يقدّمه المعلّم ولا تُقدّمه التكنولوجيا؟

يجيب الشرايري بأن المهارات الديناميكية لا تأتي عبر الشاشة، وكذلك الحال بالنسبة لمهارات العمل ضمن فريق، والتفاعل الإنساني، والتعامل مع اختلافات الثقافة، ومهارات العرض والتقديم، وتمارين التفكير النقدي متعدد الأبعاد. من هنا يأتي نداء الطالب الضمني للمحاضر: "لماذا أحضر محاضرتك؟ أعطني سبباً مُقنعاً للحضور". وإذا لم يكن لدى المعلّم إجابة حقيقية ووافية لهذا السؤال، فلن يحضر الطالب الصف، وإن حضر بدنياً فلن يكون حاضراً ذهنياً".

فقبل عشرين عاماً كانت نصائح الشرايري لطلابه تتمحور حول الحفظ، والاستعداد للمقابلات، والالتزام بالمنهاج، وتعلّم ما تريد الشركات وأصحاب العمل سماعه في مقابلات التوظيف.

أمّا اليوم فإنّه يدفع طلابه إلى التفكير لعشر سنواتٍ مقبلة عند اختيار التخصّص والمهارات، وإلى ممارسة التفكير النقدي بعيداً عن القوالب، والتحلّي بالصبر بوصفه قيمةً ومهارة لازمتين لريادة الأعمال، وأخذ المخاطر بوعي، والعمل الدؤوب، وتقبّل النقد البنّاء.

"الجامعة لم تعد محطة لجمع العلامات، إنّها منصّةُ بناء إنسانٍ قادرٍ على التعلّم مدى الحياة، ومكان لاكتساب مهارات تعدّ الطالب ليكون هو صاحب العمل وليس موظفاً".

تلتقط د. دانة قاقيش، أستاذة التسويق في الجامعة الأردنية، الخيط من زاويةٍ مكمّلة. تقول قاقيش لبي بي سي إن الإنترنت والهواتف الذكية ثم كورونا قلبت مشهد التعلّم والتقييم، فـ "الطالب الذي كان يقطع الطريق إلى المكتبة وينتظر أياماً للحصول على مصادره بات يصل إلى المعلومات لحظياً، لينتقل من متلقٍ للمعلومة إلى مُنتِجٍ للمعرفة".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الطباشير إلى الألواح الذكية كيف تغيّرت الغرف الصفية في العالم العربي من الطباشير إلى الألواح الذكية كيف تغيّرت الغرف الصفية في العالم العربي



الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon