واشنطن -لبنان اليوم
قبل ستة أعوام، تمكنت كاتي ماكنولتي، الشيف وصاحبة شركة للتموين الغذائي، من جمع 40 ألف دولار من خلال موقع «Kickstarter» لبناء مطبخ أحلامها داخل مستودع في مقاطعة كراون هايتس، بحي بروكلين في مدينة نيويورك. ولقد نجحت في الصيف والخريف الماضيين فقط في دفع مشروعها الخاص إلى الأمام.ومع إغلاق المطاعم بسبب الوباء المنتشر، فقد عديد من أصدقائها الطهاة وظائفهم. ولذلك، ونظراً لأنها لا تزال تمارس أعمالها، فقد قررت فتح أبواب مطبخها المصمم بعناية أمامهم. وفي أحد الأيام، جاءت نادلة قد فقدت وظيفتها من أجل المساعدة في إعداد العصائر التي تحاول بيعها في مشروع جديد. ثم تحركت الأمور قدماً من هذا المنطلق.والآن، هناك أربعة أو خمسة من زملاء النادلة مكانها في المطبخ كل شهر. وبدأت الطلبات تزداد مع الانتقال إلى فصل الشتاء. تقول السيدة ماكنولتي: «يستمر إغلاق المطاعم طيلة الوقت، ويبدو أن الأمور في تصاعد مستمر، وليست هناك إشارة على التراجع الآن».
تعتبر السيدة ماكنولتي جزءاً من اتحاد موسع من الطهاة، والمطاعم، وشركات التموين الغذائي، الذين يتشاركون مطابخهم الصناعية مع أولئك الذين فقدوا مطابخهم أو وظائفهم في تلك الصناعة. والبعض منهم يقوم بالمشاركة بصفة غير رسمية. والبعض الآخر قد شرع في تنظيم برامج الضيوف الرسمية التي تضم مختلف الطهاة بصورة متناوبة.تقول السيدة كاميلا ماركوس التي أغلقت مطعمها «ويست بورن» في أوائل سبتمبر (أيلول) من العام الجاري: «لا يستطيع الناس في مجالنا مواصلة العمل من المنزل». ولقد أقرت مدينة نيويورك بضرورة توفر المطبخ التجاري المرخص لكل من يعمل في مجال بيع المواد الغذائية (بخلاف المخبوزات والوجبات الخفيفة)، وهو منفصل تماماً عن المطبخ المنزلي المعتاد. وهناك مختلف أنواع القواعد الضابطة المتعلقة بالمعدات، ومساحات الرفوف، والأنابيب.
عندما جرى إغلاق مطعم «ويست بورن» كانت السيدة ماركوس صاحبة المطعم لا يزال أمامها عدد من طلبات تقديم الطعام التي ينبغي إعدادها، بما في ذلك 150 علبة إفطار لعميل لدى شركة يطلب توصيلها إلى منازل الموظفين.ونظراً لأن المطبخ التجاري كان ضرورياً، توجهت السيدة ماركوس إلى زملاء الصناعة، وطلبت العمل في مطابخهم أثناء فترات الإغلاق لديهم. وكان مطعم «غيرتي» لصاحبه السيد نيت أدلر من بين تلك المطاعم. وقالت السيدة ماركوس: «لا أريد أن أذكر أسماء كل من سمح لي بدخول مطبخه؛ حيث إنني لا أعرف إن كان من المفترض بهم فعل ذلك أم عدمه، ولا أريد أن أسبب المشكلات لأحد. ولكنني أقول إن كثيراً من الناس كانوا ودودين ولطفاء للغاية معنا».
كانت الطاهية كوني تشانغ من المقرر أن تفتتح مطعمها «ميلو» للوجبات الصينية السريعة في حي مانهاتن في يونيو (حزيران) الماضي. غير أنه لم يمر سوى أسبوعين على أعمال بناء المطعم، عندما حلت كارثة وباء «كورونا» المستجد، وواصلت السيدة تشانغ التأجيل حتى تمكنت أخيراً من افتتاح المطعم في الشهر الماضي.تقول السيدة تشانغ إنها كانت تشعر بجنون عارم في صيف العام الجاري، بسبب التحدي الكبير المعني بإعداد قائمة الأطعمة داخل منزلها، وأضافت تقول: «لا يمكن مقارنة الموقد المنزلي والفرن المنزلي بمعدات المطبخ التجاري الكبيرة. عندما نقوم باختبار بعض الوصفات، فإن الاستعانة بالمعدات المناسبة يوفر لنا كثيراً من الوقت والمجهود».ومن حسن الحظ أن السيد دانيال إيدي، وهو صاحب مطعم ومخبز «وينر» في بارك سلوب بحي بروكلين في نيويورك، قام بدعوتها للمشاركة في مسلسل أسبوعي بعنوان «فريندز أند فاميلي ميلز» لضيوف الطهي. ولقد كانت السيدة تشانغ، عبر أكثر من أسبوعين، قادرة على إتقان عديد من الأطباق الشهية، ومن بينها طبق «بط الماندرين الصيني» الخاص بها.
كما ساعدتها تلك التجربة في اكتساب مزيد من العملاء الجدد، وقالت: «هناك بالتأكيد أناس قد حضروا إلى مطعمي (ميلو) وقالوا: لقد جربت هذا الطبق في مطعم (وينر) وأريد تجربة أطباق أخرى هنا». وعلى الناحية الأخرى، يثمن السيد إيدي العملاء الجدد الذين يزورون مخبزه، بسبب وجود طهاة محترفين من شاكلة السيدة تشانغ، وكذلك شيروين بوروز الشيف السابق لدى مطعم «أونكل بونز» التايلاندي، والمعروف بطهي اللحم المقدد اللذيذ على قاعدة من أرز جوز الهند الطازج، والذي كان قد أعده من قبل لدى مخبز «وينر».كان لزاماً على السيد إيلي سوسمان، وهو الشيف وصاحب مطعم «ساميزا» لمأكولات الشرق الأوسط رفقة شقيقه ماكس سوسمان في ويليامزبيرغ بحي بروكلين، أن يغلق أبواب المطعم منذ سبتمبر الماضي بسبب الوباء. ومنذ ذلك الحين، كان يعمل على استضافة ضيوف الطهي داخل مطعمه أيضاً. ولقد ساعدته تلك الفكرة في المحافظة على صقل مهاراته في الطهي وإعداد الطعام، مع البقاء على صلاته الوثيقة بعالم الأغذية والمأكولات كما يقول.
لكن وعلى غرار معظم الطهاة أمثاله، يملك السيد سوسمان خصوصية فريدة فيما يتعلق بمطبخه الخاص وطريقة تنظيمه، ولا يزال تواقاً إلى العودة لما كانت عليه الأمور من قبل. وهو يقول عن ذلك: «بنينا كل شيء من البداية. وأنشأنا مساحة المطبخ على الطريقة التي نريدها تماماً؛ حيث كان كل شيء ملكاً لنا».أما الآن، تفكر السيدة آرييل أرسي، صاحبة مطعم «نيش نيش» في الاحتفاظ ببرنامج ضيوف الطهي إلى أجل غير مسمى، ولقد قالت: «أفكر ملياً في تحويل هذا المطعم إلى موقع بدوام كامل لأجل الطهاة، ليس فقط الذين فقدوا وظائفهم، وإنما أولئك الذين ظلوا يعملون لمدة خمس إلى عشر سنوات كاملة، ويملكون أفكاراً جيدة ويحتاجون إلى المنصة المناسبة لعرض أفكارهم من خلالها».ويأمل السيد أدلر، صاحب مطعم «غيرتي»، أن تؤدي مساعدة وتمكين الطهاة الآخرين من استخدام مطبخ مطعمه الخاص، إلى تعويض ما فقده من تكاليف بسبب الإغلاق، وهو يقول: «إننا نسدد الإيجار عن ذلك المكان طوال العام، لذلك إن كان هناك شخص ما يريد العمل في أيام الاثنين والثلاثاء عندما يكون المطعم مغلقاً، أو في مساء الأربعاء أو الخميس من كل أسبوع عندما لا نكون مشغولين للغاية، فهذا بكل تأكيد أفضل من لا شيء».
وفي حين أن السيدة كاتي ماكنولتي لم تفرض الرسوم المالية على الطهاة في مقابل استخدام مطبخها المخصص للتموين الغذائي – بالإضافة إلى بعض الزملاء الآخرين ممن قدموا المساهمات – فإنها تفكر حالياً في الاستمرار في توفير تلك الخدمات في المستقبل. وقالت عن ذلك: «إنه بالتأكيد شيء نفكر فيه بكل جدية لعام 2021 القادم، وكيف يمكن مشاركة تكاليف الإيجار عبر عدد قليل من المساهمين المختلفين، وكيف يمكن بلورة هذه التجربة في الواقع، إذ إنها أشبه ما تكون بالاقتصاد التشاركي».تسمح السيدة كلير سبراوز، وهي صاحبة مطعم «هانكي دوري» في كراون هايتس بحي بروكلين، للطهاة الضيوف الذين يوجدون في مطعمها مرة كل يوم أربعاء، بالاحتفاظ بكافة عائدات المبيعات الغذائية الخاصة بهم (وعديد منهم يتبرعون بقسط منها لصالح الأعمال الخيرية)؛ غير أنها تجمع المال من الكوكتيلات التي يقومون بإعدادها؛ إذ تعتبرها المصدر الحقيقي لإيرادات المطعم.
ولقد بدأت في القيام بذلك أثناء الوباء الراهن، عندما اضطرت إلى الاستغناء عن أغلب موظفي المطعم لديها، ولكن كان مطلوباً منها تقديم الأطعمة حتى تتمكن من بيع العصائروالمشروبات. وقالت السيدة سبراوز إن هذا القرار قد ساعدها في زيادة حركة المرور على مطعمها بأكثر من الأول، وأضافت تقول: «ليس هناك كثير من السياح في المنطقة عندنا، ولكن يوجد كثير من المارة المنتظمين بصورة شبه يومية. ونظراً لأن الناس يفضلون البقاء قريباً من منازلهم وعدم التجوال في مناطق أخرى بعيدة من المدينة، فإنهم سعداء للغاية للحصول على فرصة قريبة وجديدة، من أجل تجربة أنواع مختلفة من الأطعمة والمشروبات».ولقد قامت سبراوز بتعليق برنامج الطهاة الضيوف لمدة بضعة أسابيع خلال الشهر الحالي، من أجل بناء بعض الخيام خارج المطعم بسبب الطقس الشتوي القارس: «إن القائمة الخاصة عندنا لديها زبائن كل يوم أربعاء. ولكن بعد ذلك سوف يعود الطهاة الضيوف إلى العمل عندنا من جديد، إنها تجربة غنية وثرية ولطيفة للغاية».
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك