رفع سعر مادة "البنزين" في سورية

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان سليمان، أن ارتفاع سعر مادة "البنزين" الأخير غير مبرر، خصوصًا وأنه أعلى من متوسط السعر العالمي الذي يبلغ 120 ليرة سورية.
ويأتي الاستفسار عن سبب رفع سعر "البنزين" بهذا الشكل بعد أن تم الإعلان عن تحرير أسعار المشتقات النفطية والتي من المفترض أن تكون تقارب السعر العالمي بالحد المقبول.

وأضاف سليمان، أن القسم الأكبر من مادة "البنزين" يتم استئجاره عبر خط التسهيل الائتماني الإيراني، وأنه لا يوجد دفع مباشر لثمنه وإنما الدفع مؤجل أو يتم عبر البضائع، موضحًا "لو افترضنا بأن هناك تأمينًا على بواخر الشحن وارتفاعًا في أجور صهاريج النقل فلن يكون هذا السبب مسوغًا كافيًا لرفع سعر مادة البنزين".

ويتمثل التسويغ الأقرب للواقع والمؤسف على حدّ تعبير سليمان، بوجود نقص في إيرادات الخزينة، وبالتالي الحكومة تبحث عن إيرادات لتحسين إيرادات الموازنة، وبدلًا من أن تفرضها على الصناعيين والتجار ومطارح ضريبية جديدة لتحسين إيرادات الموازنة، فهي ذهبت إلى فرضها في المكان الأسهل ولكنه الأخطر اجتماعيًا، لأن رفع سعر مادة رئيسية يعتبر من الضرائب المباشرة لأن الزيادة في السعر تقتطع بشكل مباشر ولا يمكن لأحد أن يتهرب منها، وبالتالي سينعكس هذا الارتفاع بشكل طبيعي ومباشر على الأجور والخدمات في عدة قطاعات كالنقل وغيرها من المجالات المعيشية التي ستتأثر حكمًا في أسعار خدماتها، ما ينعكس بشكل مباشر على المواطن الذي سيدفع من جيبه هذا الفرق في الأجور دون وجود مصدر تعويض لهذا.

ويرى سليمان أن هذا الإجراء الحكومي يشير إلى وجود مشكلة في اتخاذ القرار الاقتصادي، تتمثل بغياب البحث عن المنعكسات الاجتماعية لأي قرار قبل إصداره، والذي كان من المفترض أن يتم البحث عن حلول أخرى من خلال العمل على مطارح ضريبية جديدة كالعقارات والاستثمار وعلى الصناعيين والتجار.

وتابع: "هنا نلاحظ مفارقة مهمة هو صدور مرسوم الإعفاء الضريبي للقطاع الصناعي والتجاري بشكل رئيسي في فترة زمنية قريبة لصدور قرار رفع سعر البنزين، وإن كان القصد من مرسوم الإعفاء الضريبي أن يكون ضمن خطة الحكومة لدعم القطاع الصناعي والتجار للاستمرار في الاستثمار وهو أمر صحيح بنسبة معينة، إلا أنه تزامن مع رفع سعر البنزين ما تسبب بضغط على المواطنين الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والطبقة الوسطى".

وأردف سليمان: "هذا ما يفتح المجال للتساؤل عن هذا الإصرار منذ بداية الأزمة على رفع أسعار المواد الرئيسية مع حالة انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، ما تسبب بتآكل الأجور والدخول بنسبة تصل لـ80% دون رفع للرواتب والأجور وعدم جود أي مصادر بديلة للدخل لدى المواطن، ما خلق حالة تخوف دائمة لدى المواطنين من ظهور ارتفاعات لاحقة لمواد أخرى بعد ارتفاع إحدى المواد الرئيسية، حيث أصبحت ظاهرة ارتفاع الأسعار متكررة مع عدم انخفاض سعر أي مادة منذ بداية الأزمة".