الفن المعاصر مني ربيز

لن يغيب لبنان، رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها، عن «البينالي الدولي للفن المعاصر» في البندقية عام 2022. وأعلنت «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية» المسؤولة عن تنظيم الجناح اللبناني للدورة التاسعة والخمسين، تحت إشراف وزارة الثقافة عن اختيار الفنانين الموهوبين، أيمن بعلبكي ومنى ربيز، ليمثلا بلديهما في هذه المناسبة.أما المديرة والمنسقة الفنية لهذه المشاركة فهي ندى غندور المقيمة في باريس، التي اختارت هذين الفنانين، بعد دراسة ورصد، بحيث إن أحدهما مقيم في لبنان، ويرسم من وحي مشاكل الوطن الداخلية، وأخرى من بين المغتربين الذين لهم إطلالة مختلفة على العالم، وليست منغمسة بالضرورة في المعترك اليومي لوطنها. أيمن بعلبكي، من مواليد بيروت عام 1975 أي عشية اندلاع الحرب الأهلية، ويعيش في لبنان. يتحدر من عائلة فنّية. درس الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانيّة، ونال دبلوم الدراسات العليا، من المدرسة الوطنيّة في باريس، ودبلوم الدراسات المعمّقة، من جامعة باريس الثامنة.

حاز بعلبكي برسوماته وتجهيزاته التي ترصد الحياة في الحرب، وتجسد المباني المهدمة، والوجوه الصاخبة، شهرة واسعة، وبات من بين الفنانين اللبنانيين المقيمين الأكثر شهرة. كما عرض أعماله في كثير من العواصم الأوروبية، وحصل على جوائز هامة.أما منى ربيز فتعتبر من وجوه الفن اللبناني المعاصر، تتراوح لوحاتها الزاهية الألوان بين الاهتمام بالمرأة، والتحليق في أجواء تجريدية. تتسم أعمالها من لوحات ومجسمات بالجرأة والانعتاق. هي تشكيلية لبنانية - كندية، مقيمة في لندن. تأثرت بالموسيقى والشعر، ولها اهتمام كبير بالجوانب النفسية، نظراً لتخصصها في علم النفس في «جامعة السوربون» في باريس وفي جامعة «القديس يوسف» وتأثرت بالفن الأوروبي وتقنيات كبار المعلمين في عصر النهضة. أقامت منى العديد من المعارض الفردية والجماعية في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً في باريس ولندن ولبنان وعواصم أوروبية كبرى أخرى.

ويتحدث صالح بركات، صاحب «غاليري صالح بركات» في بيروت، وهو الذي يعنى بأعمال الفنان أيمن بعلبكي، عن الجهد المالي والمعنوي الذي قدمته «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية» كي يكون لبنان حاضراً في بينالي البندقية، باعتبارها مناسبة فنية هامة. ويرى بركات أن «هذا النوع من المشاركات، يحتاج تمويلاً، وجهداً، قامت به الجمعية مشكورة، لإظهار وجه لبنان الحضاري، في الوقت الذي لا تقوم فيه الجهات الرسمية بهذا الدور». وعن عدد الأعمال التي ستعرض، يقول بركات: «التصور موجود لدى القيمة على الجناح ندى غندور. وهي خلال دراستها للموضوع، استطاعت أن تضع رؤيتها بالتعاون مع الفنانين، فالرسامة ربيز ربما أنها ستعرض لوحات، أما بعلبكي فظني أنه سيشارك بتجهيز كبير يعدّه للمناسبة. أما التفاصيل وعدد الأعمال بشكل عام، فليس عندي فكرة واضحة، وأظن أن الوقت لا يزال مبكراً للتحدث عن هذه التفاصيل». ويشرح بركات: «ثمة نقاش باستمرار عمن يمثل لبنان، هل هم المقيمون فيه أم الراحلون عنه، والاختيار هذه المرة، وفّق بين الرأيين بإقامة ما يشبه حوار بين نظرتين، فنيتين، ورؤيتين، وإطلالتين، لكل منها خصوصيتها».

وصاحبة هذه الرؤية هي الدكتورة ندى غندور، أمينة تراث ومؤرّخة فنّيّة وخبيرة في الفنّ الحديث والمعاصر. تخرّجت في معهد التراث الوطني INP (باريس). وهي كذلك أمينة مستقلّة متخصّصة في وإدارة كلّ ما يتعلّق بحقل الثقافة والمجال الرقمي (عالم الرقميّات). عملت في أكبر متاحف أوروبا وأميركا الشماليّة، ولا سيّما متحف الفنون الجميلة Musée des Beaux - Arts de Montréal (كندا)، ومتحف بيكاسّو الوطنيّ - باريس (فرنسا) le Musée، ومتحف مؤسّسة لويس فويتون (باريس).

وجدير بالذكر أن أيمن بعلبكي يشارك باستمرار في بينالي البندقية، لكن السنة المقبلة، ستكون أول مرة يمثل فيها بلاده. وكان لبنان قد شارك للمرة الأولى بجناح خاص عام 2007، وذلك بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان التي دمرت البلاد عام 2006. ويقول صالح: «يومها كان الوضع أسوأ من اليوم، وعملت المستحيل كي يكون لبنان حاضراً ونجحت». في عام 2013 جاءت مشاركة ثانية بفضل جمعية «أبيل» وكان القيّم على المشاركة سام بردويل، واختار الفنان أكرم زعتري ليعرض له أعماله. والمرة الأخيرة تمت المشاركة بفضل مبادرة شخصية قام بها الفنان زاد ملتقى. أما العام المقبل، فستكون المرة الرابعة، بفضل «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلة» التي قامت بكل ما يلزم.

وهذا النوع من المشاركات الدولية يحتاج تسفاراً، وتنسيقاً، وتحضيراً مسبقاً، لا تستطيع القيام به وزارة الثقافة اللبنانية بسبب عدم توفر الإمكانيات المالية. وكما في كل مرة، فإن المبادرات الأهلية، وحب اللبنانيين من مغتربين ومقيمين لوطنهم، ورغبتهم في أن يبقى حاضراً، وممثلاً في المناسبات الفنية الدولية هو الذي يدفعهم، لبذل كل ما يستطيعونه.سيُقام الجناح اللبناني في «الآرسنال»، وهو أحد المعلَميْن التاريخيين الرئيسَيين في بينالي البندقيّة، وذلك في الفترة الممتدّة من 23 أبريل (نيسان) إلى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

قد يهمك ايضا:

وزارة الثقافة تنظم أول مزاد خيري خاص بالفن المعاصر في جدة البلد

لبنان يحتفي بالمئوية الثانية لرائد النهضة العربية بطرس البستاني