نجمة التليفزيون البريطاني شارلوت هوكينز

أعربت نجمة التليفزيون البريطاني شارلوت هوكينز، عن شعورها بالأسى وعدم الراحة عند زيارتها ملاوي في وقت سابق من هذا الشهر للمساعدة في فتح مأوى للغذاء هناك، حيث أمضت أسبوعا في البلاد التي تعاني من أسوأ أزمة غذائية على مدى 10 أعوام.
وكشفت هوكينز التي تبث على الهواء مباشرة من المنطقة الجنوبية من البلاد الأفريقية لـ"FEMAIL" كيف غيرت هذه الزيارة نظرتها إلى الحياة كما كانت بمثابة تذكرة عميقة بما هو مهم في الحياة.

وأضافت: "كنت أعرف أن قضاء أسبوع في واحدة من أفقر المجتمعات في العالم سيكون أمرا صعبا، ولكن لا شيء يمكن أن يهيئك للحظة رؤية وجه أول طفل في ملاوي، إنهم ذات عيون بنية واسعة يحدقون فيك ويرتدون ملابس ممزقة وهم حفاة القدمين".
وتابعت: "كنا في ملاوي للمساعدة في استكمال مشروع التغذية المدرسة الذي ينظمه برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، وتقديم تقرير من هناك لبرنامج صباح الخير بريطانيا، وفقدت الأسر التي تعيش في قرية Nsekera جميع محاصيلهم بسبب سوء الأحول الجوية، ودُمرت منطقة El Nino  بسبب الفوضى التي نتجت عن حدوث فيضانات في كانون الثاني/ يناير يليها الجفاف الشديد".


وأردفت: "اضطر الناس في القرية إلى هجر منازلهم والعودة إلى محاصيلهم المدمرة والتماسيح القاتلة التي أقامت في أكواخهم، وهنا يأكل الناس كل شيء حتى يعيشون بدون مساعدة، ويعانى 2.8 مليون فرد من الجوع، ويضمن مشروع التغذية المدرسة الذي كنا هناك من أجله حصول أطفال المدارس على وجبة غذائية جيدة واحدة يوميا، إنه أمر محفز لأولياء الأمور لإرساله أبنائهم إلى المدرسة، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد الحالي للطلاب ممثلا في 168 طالب".
وزادت هوكينز: "كان التحدي الذي يواجهنا هو الانتهاء من بناء مطبخ ومخزن ومأوى للطعام للأطفال في أسبوع واحد، وكان لزاما على الجميع العمل بجدية لإنهاء هذه المهمة، وكان أهل القرية يساعدون في جلب الطوب والبناء، ولقد ساعدت في قليل من أعمال البناء وطلاء الطوب وكان الأمر مسليا بالنسبة للسكان المحليين الذين لا يبدو عليهم الاقتناع بأسلوبي".

واسترسلت: "من أبرز اللحظات في هذا الأسبوع عندما قمت بقص الشريط على الهواء للإعلان عن افتتاح المركز رسميا، وتم تسليم أوعية الطعام وجلست بين الأطفال أشاهدهم وهم يتناولون أول وجبة إفطار في المكان، إن الحياة صعبة هنا للأطفال، وبينما نحن نستعد للبث على الهواء في الساعة 5:30 صباحا كان الأطفال مستيقظون ويساعدون آبائهم في الحقول، والبعض الأخر يتجه إلى المدرسة ولا يحمل الكتب المدرسة فقط ولكن يحمل أخ أو أخت معه".
واستطردت: "عندما يحظى الأطفال بوقت لأنفسهم تجدهم يلعبون بالدمى التي صنعوها بأنفسهم من الصناديق أو التجول باستخدام عجلة قديمة أو الإطارات التي يعثرون عليها أو اللعب بالحجارة، شاهدت شقيقين يتقاسمان زوج من الأحذية، وكلما شاهدنا الأطفال كانوا يطلبون منا زجاجات للمياه، في البداية كنا نظن أنهم يستخدمونها لشرب الماء ولكن وجدناهم يحملون فيها الماء من البئر وكذلك يحلمون فيها الوجبات الخفيفة أو يستخدمونها كلعبة مؤقتة مملوءة بالحجارة، وكانت زجاجات المياه بالنسبة لنا شيئا نرميه دون تفكير ولكنها ذات قيمة كبيرة بالنسبة لهم، وبالرغم من أنهم لا يملكون أي شيء إلا أنهم يقابلونك بابتسامة".

وأكملت: "عندما ذهبت لأول مرة إلى مدرسة Nsekera لمقابلة الأطفال الذين يستفيدون من المطبخ بالمدرسة تم استقبالي بترحيب بالغ، لقد ركض الأطفال نحوى وهم يلوحون ويهتفون ويبتسمون وعلى استعداد لعناقي، ومن أصعب الأيام بالنسبة لي عند زيارة عيادة الأطفال في Mfera، وكان يتم وزن وقياس الأطفال لمعرفة حجم التأثير الضار الذي لحق بهم، ويعاني أكثر من نصف الأطفال هنا من ضعف النمو بسبب عدم وجود غذاء كاف".
وأوضحت هوكينز أنَّ "خبراء الطب الحديث يتحدثون عن الألف يوم الأولى من حياة الطفل وتقاس بداية من الحمل وحتى عمر عامين ومدى أهمية هذه الفترة للطفل، وإن لم يحصل الطفل في هذه الفترة على التغذية الكافية فإنه سيتأثر طيلة حياته، وربما تكون هذه مشكلة بدنية وعقلية أيضا، وأعطيت الأمهات الحبوب المدعمة لتناولها في المنزل وتم تعليمهم أغنية لتذكيرهم بعدم إطعام أزواجهن أولا ولكن أطفالهن".

واستدركت: "شاهدت الطفلة روث في العيادة وكان عمرها 19 شهرا وكانت تزن 6.6 كيلو غرام، لقد شعرت بالأسى، إن طفلتي إيلا روز عمرها 8 شهور حاليا ووزنها 9.3 كيلو غرام، شعرت بالصدمة من هذا الفارق، وقرر الأطباء في العيادة أن روث بحاجة إلى مساعدة خاصة، وأمضت الطفلة أسبوعين في المستشفي بسبب إصابتها بالتهاب رئوي، وأشارت لي والدتها مارى أن لديتها ستة أطفال، وأن الطعام نادرا ولكن بسبب مرض روث فإنها لم تأخذ كثيرا مما عُرض عليها".

واستكملت هوكينز: "كانت أفضل مساعدة في العيادة تقديم زبدة الفول السوداني والحبوب المدعمة للمساعدة في بناء قوتها، ووعد موظفو برنامج الغذاء العالمي بمراعاة حالة روث من أجلى وإخباري بتطور حالتها، وربما تكون الأسابيع القليلة القادمة حاسمة بالنسبة لها وللآخرين الذين يأملون في سقوط الأمطار، وفي الوقت نفسه يعرض على العائلات  حصص غذائية للطوارئ من الذرة والفول والزيت".
وبيَّنت: "قمنا بزيارة مركز واحد وعلى الرغم من وجودنا في الصباح الباكر إلا أنه كان هناك المئات الذين يصطفون وهم في أمس الحاجة للمساعدة، وكان معظمهم من النساء والأطفال والرضع الذين ساروا لعدة أميال للوصول إلى هناك، وكثير منهم لا يستطيع تحمل نفقة وسيلة للتنقل برقم أن كيس الذرة يبلغ وزنه 50 كيلو غرام، ولم يكن لديهم خيار سوى حمل هذه الأكياس الثقيلة على رؤوسهم والسير في درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 40 درجة".

وأشارت إلى أنَّ "هؤلاء أناس يائسون ويسعون للحصول على الطعام حتى إذا استغرق ذلك منهم يوم كامل، وعندما يصطف هؤلاء الناس أمامك يمكن ملاحظة أن معظمهم صغار السن، وإذا كنت أعيش في ملاوي مع عائلتي وفقا للمعدلات الوطنية لمتوسط العمر المتوقع فإن زوجي ربما يكون قد مات بالفعل، وأنا لدى فقط بضع سنوات لأعيشها، وهناك احتمال كبير أن تصاب ابنتي بمرض خطير أو أن تعاني من سوء التغذية الحاد أو ربما تموت أيضا، وبالرغم من كافة الصعوبات التي تواجه الناس هناك إلا أنهم يتعايشون بما هو متاح لديهم".

وأكدت: "عندما سرنا باتجاه شيكواوا كان هناك أكشاك على جانب الطريق تبيع الفواكه والمكسرات والذرة والفئران المتفحمة، وكان المصور Ed  يحاول تجربة هذه الأطعمة، وعلى طول الطريق كان الناس يبنون قطع أثاث بسيطة لبيعها وبعضهم يبيع قطع غيار السيارات القديمة، إنهم يكدحون للعيش، وعند زيارة السوق القريب أدرك أن هناك قيمة لكل شيء، حيث كان الناس يجمعون الملابس المستعملة في كومة على الأرض بما في ذلك الملابس الداخلية، وكان هناك حقائب لمياه الشرب بأقل من بنس لمن لا يستطيعون شراء زجاجات المياه".

واستأنفت: "كان هناك في السوق أقدام الدجاج للطهي والأكل، لقد اخترت شراء بعض المانجو كخيار أكثر أمنا واشتريت 4 ثمرات بسعر 20 بنسا تقريبا، وأثناء زيارتنا لقرية Nsekera التقيت الطفلة شانيا وعمرها 5 سنوات وعائلتها ودعونا إلى المنزل وكان عبارة عن كوخ بسيط محاط بالبوص المنسوج لعمل الفناء".
وأبرزت أنَّ "شانيا هي طفلة مختلفة مهتمة بكل شيء وتريد أن تصبح معلمة وكانت واحدة من أطفال ما قبل مرحلة المدرسة واستفادت من مشروع التغذية، وكانت تحصل كل صباح على وعاء من حساء الشعير المدعم، وكان ذلك وسيلة إغاثة لعائلتها بعد أن أصبحت الطفلة تحصل يوميا على وجبة جيدة، وهنا 70% من الأطفال الذين يتراوح عمرهم بين 8 إلى 10 سنوات ليس لديهم أي شيء يأكلونه قبل ذهابهم غلى المدرسة".

وذكرت: "كان الشقيق الأكبر لشانيا ويدعى سامسون وعمره 13 عام يحلم أن يصبح طبيبا وهو طموح غير مألوف هنا لأن لأطفاله نا في حاجة ماسة للذهاب إلى المدرسة ويعلمون أنها ربما تكون طريقهم للتخلص من الفقر، وعندما تسأل الأطفال هنا عما يتمنوا أن يصبحوا في المستقبل فإنهم يقولون طبيب أو معلم أو محامى، ويضطر العديد من الأطفال إلى التخلي عن الدراسة لمساعدة أبائهم في كسب المال للحفاظ على الأسرة".
ولفتت هوكينز إلى أنه "إذا كان سامسون قادر على الذهاب إلى المدرسة فإن فرصته في الذهاب للجامعة وأن يصبح طبيب نادرة جدا، حيث أن عدد قليل من الأسر فقط  هم من يستطيعون تحمل التكاليف، وأوضحت لي مترجمتنا سيلينا أن سامسون يتمنى أن يعمل في مركز طبي محلي، وأتمنى أن يتحقق حلمه".

وتابعت: "يدعى الشقيق الأصغر لسامسون إيمانويل وعمره 5 أشهر، وليس هناك شيء مناسب له ليلعب به في المنطقة ولكني لعبت معه وضحك ساخرا، وكلما تحركنا بالكاميرا ومعدات التصوير يحاصرنا الأطفال وهم يحدقون فينا ويتساءلون، كنا بالنسبة لهم مثل كائنات فضائية من كوكب آخر، كانوا يسعدون كثيرا عندما تلتقط لهم صورة أو فيديو وتريهم شكلهم في الكاميرا، الحياة هنا بسيطة للغاية وهو ما يجعلك تتساءل عن كل الأشياء التي نحصل عليها في حياتنا باعتبارها أمورا مفروغا منها".
وأشارت هوكينز إلى أن " المجيء إلى ملاوي يجعلك تفكر فيما ما هو مهم في الحياة، عندما ترى أناس لديهم القليل ويفعلون أفضل ما يمكن بما يملكون ستدرك قيمة الأمر، وكل ما تحتاجه هنا هو سقف فوق رأسك وشيء للأكل والشرب وحب الناس لك، في ملاوي الناس لديهم كل هذه الأشياء فيما عدا الطعام، ويساعدهم مشروع التغذية في الحصول على الطعام وكان شرفا لي أن أكون جزء من هذا المشروع، إنها تجربة لا تنسى أبدا".