تظاهرات في كابول

أثار أحد كُتّاب الأعمدة الصحافيّة غضب حركة طالبان في أفغانستان، بعد مقال يدين تنظيم " داعش " المتطرِّف، ما دفع أنصار الحركة للتظاهر في عدد من المدن الأفغانية، كما ندّد المتظاهرون بمادة المقال التي وصفوها بـ"كفرًا" ودعوا الحكومة لمعاقبة الناشر.

واحتشد نحو 500 شخص في العاصمة كابول، بما فيهم رجال دين وعدد من أعضاء البرلمان، أمام مسجد " عيد جاه " ثاني أكبر مسجد، وأكد عالم دين إسلامي في جامعة سلام، ويُدعى فضل هادي ازن، والذي تحدث من على المنصة: "يجب على الحكومة وقف هؤلاء الناس الذين أهانوا النبي والقرآن والإسلام، ومنعهم من مغادرة البلاد".

وفي مقال رأي نشر الأسبوع الماضي في صحيفة " أفغانستان اكسبرس " اليوميّة الصادرة باللغة الإنكليزية، نشر صحافي يدعى " أج أحوار " مقالًا يُحذِّر فيه المسلمين من الصمت في وجه ما تفعله داعش وطالبان، وانتقد أيضًا عدم قبول الإسلام للأديان الأخرى والأقليّات مثل المثليين جنسيًا و قبائل الهزازة، وهي أقلية شيعية في أفغانستان، واختتم الصحافي مقاله باستنتاج أنَّ البشر أهم من الله، مما سبّب لاسيما غضبًا لأنصار طالبان.

ويوضح " مانجال بدر " أحد المتظاهرين: "ذكرت الصحيفة إنَّ الله لا يستطيع السيطرة على الناس، وهذا الرب غير حكيم"، وقد أكد المتظاهرون غلى ضرورة التحاق موظفي الصحيفة بنفس مصير الـ5 رجال المتهمين في قضية اغتصاب، وإعدامهم أمام العامة.

وذكر متظاهر آخر: "إنهم بحاجة إلى الإعدام حتى يعرف البشر أنَّ لا يمكنهم إهانة دين الله".

وهتف المتظاهرون ضد الولايات المتحدة مستخدمين شعار "الموت لأميركا"، فوفقًا لأحد المتظاهرة، تغرس الولايات المتحدة أفكار حرية التعبير في أذهان الصحافيين الأفغان ثم تمنحهم حق اللجوء بمجرد أنَّ يغضب مواطنيهم ضدهم.

ويشير أزن إلى أنَّ على المجتمع الدولي يتظاهر أنه أحد أبطال حرية التعبير، عليهم الخروج والاعتراف أنهم ليسوا وراء ذلك، إنَّ لم يفعلوا تلك الاحتجاجات ستنمو.

وأصدرت الصحيفة بعد أيام اعتذارًا علنيًا بشأن المقال المُثير للجدل، وأوضحت " أفغانستان إكسبرس " أنَّ الافتتاحية نشرت نتيجة لخطأ فني، ولكن الاعتذار لم يفعل شيئًا يُذكر لتهدئة الاحتجاجات، حيث أكد ازن:"اعتقد أنَّ الصحيفة والمحررين تعدوا كل الحدود، حتى إنّض إخواننا الغير المسلمين لا يتحدثون هكذا، هذا النوع من الكتابة يزعزع استقرار الدولة".

وتأتي الاحتجاجات بعد غضب عام من حادث اغتصاب وحشي في أحد ضواحي كابول، والذي دفع الرئيس " حامد كرزاي " للمطالبة علنًا بملاحقة الجناة وتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وتم إصدار الحكم في محاكمة سريعة وسط انتقادات من قِبل المراقبين الدوليين بفشل تلك المحاكمة.

ويأمل المحتجّون بأنَّ يتدخل الرئيس المنتخب حديثًا أشرف غاني في قضية الصحيفة، ولكن غاني خلال حملته الانتخابية تحدث عن محاولات سلفه للحدّ من حرية الصحافة، وباعتبار تلك المسألة أحد أولوياته، بعد توليه المنصب دعا مراسل صحيفة " نيويورك تايمز " الأميركيّة، ماثيو روزنبرغ، للعودة مرة أخرى للبلاد، بعد أنَّ طرده كرزاي بسبب مقالاته المثيرة للجدل.

وذكرت وسائل الإعلام الأفغانيّة، في مطلع الأسبوع، أنَّ مجلس الوزراء أصدر تعليمات لوزارة الداخلية لاعتقال موظفي الصحيفة، ولكن المتحدث باسم الوزارة نفى مثل هذا الأمر.