اتهام أم بريطانية باصطحاب طفلها إلى سورية للانضمام إلى داعش

اتَهمت الأم البريطانية تارينا شاكيل بالسَفر إلى دولة سورية مع طفلها للانضمام إلى تنظيم "داعش" باستخدام قرض طلابي لدفع تكاليف الرحلة. ويعتقد المحققون أن شاكيل حصلت على الدبلوم في إدارة الضيافة في برمنغهام فقط للحصول على قرض طلابي، ومن المفهوم أن شاكيل استخدمت أموال القرض لشراء تذاكر الطيران للسفر من مطار إيست ميدلاندز إلى تركيا ومن هناك عبرت الحدود متجهة إلى سورية مع طفلها الرضيع.

وبيّنت صحيفة "ذا صن" أن شاكيل تلقت 1215.50 استرليني في سبتمبر/ أيلول 2014 وحجزت تذاكر الرحلة بعدها بشهر، وسافرت شاكيل إلى سورية في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 بعد أن أخبرت عائلتها أنها ذاهبة في عطلة إلى تركيا، وأُدينت شاكيل بجرائم متطرفة في محكمة التاج في برمنغهام الجمعة، لتصبح أول امرأة بريطانية تدان بعد عودتها من معقل المتطرفين.

واستمعت المحكمة إلى شاكيل (26 عامًا) والتي عاشت في بيرتون فى ستانفوردشاير حيث نشرت صورة لطفلها مرتديا وشاح "داعش" قبل عودتها إلى بريطانيا. واصفة ما فعلته بأنه خطأ، نافية الاتهامات الموجهة إليها خلال المحاكمة التي استمرت أسبوعين في برمنغهام زاعمة أنها سافرت إلى سورية فقط بسبب رغبتها في العيش تحت حكم الشريعة.

ولم تصدق هيئة المحلفين رواية شاكيل خصوصًا بعد رؤية التغريدات والرسائل والصور بما في ذلك صورتها مع علم "داعش" الأسود وهي تدعو الناس إلى حمل السلاح، موضحة رغبتها في أن تصبح شهيدة. وأفاد القاضي ملبورن إنمان لشاكيل بأنه سيتم الحكم عليها الإثنين، مشيرًا إلى أنها ربما تظل محبوسة على ذمة التحقيقات حتى حكم الإثنين.

وقالت شاكيل لضباط الشرطة في البداية أنها اختطفت بواسطة رجل التقته على الشاطئ في تركيا وأخذت إلى سورية وأجبرت على إرسال تغريدات دعائية للتنظيم المتطرف، لكنها اعترفت في المحكمة أنها كانت في علاقة سيئة مع والد طفلها وأنها كانت تسعى لبدء حياة جديدة، ويعتقد المحققون أن شاكيل تزوجت من أحد مقاتلي "داعش" كعروس متطرفة وتدهور الزواج في غضون أسابيع، وذكرت شاكيل خلال محادثتها مع والدها عبر برنامج "واتس أب" في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2014 أثناء حياتها في ظل حكم "داعش"، "أريد أن أموت شهيدة هنا"، وزعمت شاكيل لاحقا أنها اضطرت لإرسال هذه الرسالة تحت ضغط سيدات "داعش" المرافقين لها.

واستمع المحلفون إلى أن شاكيل قبل ذهابها إلى سورية تحدثت عبر الأنترنت مع أحد أعضاء "داعش" البارزين والذي يدعى " فابيو بوكاس"، كما كانت على اتصال بسالي آن جونز الأرملة البريطانية للمتطرف جنيد حسين الذي قتل في إحدى الغارات الجوية في سورية العام الماضي، ومن بين علامات التطرف التي ظهرت على شاكيل بحثها على مقاطع فيديو "أنور العولقي"، وهو متطرف على صلة بتنظيم "القاعدة"، وقتل في غارة أميركية في اليمن عام 2011، وكتبت شاكيل على صفحتها على الـ "فيسبوك" والتي ضمت صورة لعلم "داعش" الأسود، "إذا لم يعجبك الوضع في الشام عليك أخذ سلاحك وليس لوحة المفاتيح".

وهربت شاكيل إلى سورية عند وصولها إلى تركيا سرًا عبر الحدود حيث اقتيدت لاحقا إلى الرقة معقل "داعش"، وشوهدت صور شاكيل وهي في منزلها في الرقة بعد أن تزوجت وغادرت النساء غير المتزوجات التي كانت تعيش معهن في البداية حيث لا يسمح لهم بالخروج دون ولي الأمر. وأوضحت شاكيل أسباب رغبتها في العودة إلى وطنها ممثلة في القواعد الصارمة المفروضة على المرأة خصوصًا بعد منعها عن استعمال هاتفها المحمول.

وأضافت شاكيل لمحكمة برمنغهام، "أخذوا مني الهاتف وكانت هناك امرأة سعودية تدير منزل النساء العازبات وتدعى مكة"، واضطرت شاكيل إلى الاستماع إلى الأوامر حيث منعت من استخدام الهاتف أو اللاب توب إذا كانت غير سورية وغير متزوجة، فضلا عن التناوب في أعمال الطبخ وتنظيف المنزل والواجبات النسوية.

واكتشفت رسالة على هاتف شاكيل وهي تنصح امرأة أخرى تفكر في الانضمام إلى "داعش" جاء فيها "أختي أنا متزوجة والحياة هنا صعبة للعازبات، لا تأتي بمفردك يجب أن تكوني متزوجة، ثقي بك راعي والديك وأخبري جميع الأخوات آلا يأتوا هنا بمفردهم".

وذكر مساعد رئيس الشرطة ماركوس بيل والذي يقود مكافحة التطرف في جميع أنحاء ويست ميلاندز، "أصبحت شاكيل متطرفة بنفسها بعد أن تعرضت لمواد متطرفة على شبكة الأنترنت قبل أن تغادر بريطانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2014، تقييمنا أنها ليست ساذجة وأنها كانت لديها نية واضحة تماما عندما غادرت بريطانيا، وأرسلت تغريدات لتشجيع الجمهور للانضمام إلى داعش لارتكاب أعمال متطرفة، كما أصبح طفلها الصغير معها للانضمام إلى داعش".

وأردف بيل، "عثرنا على صور على هاتف السيدة شاكيل لها ومعها سلاح ناري ومرتدية قناع داعش وحقيبة عليها شعار داعش وشخص أخر يمسك مسدسا، والتقطت هذه الصور عندما كانت في سورية، ودعت السيدة شاكيل الناس لارتكاب أعمال متطرفة على وسائل الاعلام الاجتماعية بعد أشهر من حياتها تحت حكم داعش، وبلا شك هي تشكل خطرًا عند عودتها إلى بريطانيا العام الماضي، واستطعنا اعتقال شاكيل في المطار بفضل يقظة شرطة مكافحة التطرف واتخذنا التدابير اللازمة لحماية طفلا من تفكيرها المتطرف"، وتم التواصل مع شركة القروض الطلابية للتعليق على حساب شاكيل.

وأفادت خبيرة الصراعات في العالم العربي الدكتورة فلورنسا جوب، إلى زيادة عدد النساء البريطانيات اللاتي انضممن إلى التنظيم المتطرف، موضحة أن العدد الإجمالي للنساء اللاتي انضممن للتنظيم من أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا حوالى 600 امرأة، وتعتقد جوب أن هناك حوالى خمسة آلاف مقاتل غربي لدى داعش بما في ذلك النساء حاليا في سورية، ويشكل هذا العدد ربع القوة العسكرية المقدرة بـ 40 ألف مقاتل والتي تمتلكها داعش وفقا لإحصاءات صيف عام 2014، ويعد نصف هذا العدد مقاتلين أجانب ليسوا سوريين أو عراقيين لكنهم جائوا من تونس والسعودية.

وأشارت جوب إلى أن هذه البيانات تأتي من مصادر موثوقة بما في ذلك البيانات الاستخباراتية العسكرية وتحليلات من مصادر أخرى مثل التقارير الإعلامية، وتطرقت جوب إلى قضية المنشقين عن "داعش" والذين عادوا إلى وطنهم وغادروا الأراضي التي تحتلها "داعش"، مضيفة، "غادر ما يتراوح بين 1500 إلى 2500 فرد من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأميركا الشمالية أراضي "داعش"، أما النساء الهاربات فيتراوح عددهن بين 0 إلى 90 امرأة".

وقدرت الحكومة البريطانية وجود 800 بريطانيا في سورية خلال الأربع أعوام الماضية ويعتقد أن نصفهم لا يزال في البلاد، فيما أوضح وزير الخارجية فيليب هاموند خلال زيارة سابقة إلى تركيا أن الأجهزة الأمنية أوقفت 600 بريطانيا من دخول منطقة الصراع في الشرق الأوسط في محاولة للانضمام إلى "داعش"، وبين هاموند أن 800 بريطانيا دخلوا سورية خلال الأعوام الأربعة الماضية ولا يزال نصفهم تقريبا في البلاد.