وزارة البيئة اللبنانية

كما كان متوقعاً، لم تلقَ الخطة التي تقدمت بها وزارة البيئة لمعالجة أزمة النفايات وتبنتها الحكومة هذا الأسبوع ترحيباً شعبياً واسعاً وتأييد عدد كبير من البيئيين والمعنيين المباشرين في الملف نتيجة قرار اعتماد 3 محارق و25 مطمراً في غياب ما قالوا إنها دراسات أثر بيئي واقتصادي، وهو ما لم يستغربه وزير البيئة فادي جريصاتي، الذي اعتبر أن الملف يتطلب «قرارات غير شعبية»، مشدداً على أنه «لا الأمن يتحقق بالتراضي ولا حتى البيئة».

ويتخبط لبنان في أزمة نفايات انفجرت في عام 2015، ولم تنجح السلطة السياسية التي تطبق منذ 22 عاماً خطط طوارئ أبرزها المطامر التي تلجأ إلى توسعتها كل فترة، ما يؤدي إلى طمر أكثر من 90% من نفايات لبنان، بالسير بحلول جذرية للأزمة نتيجة الاعتراضات المتواصلة من قِبل بيئيين وسكان المناطق على إقامة محارق ومطامر في مدنهم وقراهم.

وفي مؤتمر صحافي عقده وزير البيئة أمس، لشرح خطته التي سار بمعظم بنودها مجلس الوزراء، أشار إلى أنه ورث ألف مكبٍّ عشوائي وأنْ لا خيار إلا بتحويلها إلى 25 مطمراً صحياً، منبهاً إلى «خطأ شيطنة المطامر الصحية». وقال: «لم تعد لدينا فرصة أخرى، فهذه هي الخرطوشة الأخيرة وإلا يمكن أن تعود النفايات إلى الشارع في كل دقيقة وكل ساعة».

وتعتمد الخطة الجديدة للنفايات على حلول تقوم على تخفيف إنتاج النفايات وفرض رسوم وضرائب على بعض المنتجات الملوثة كالنايلون والبلاستيك، فضلاً عن إعادة الاستعمال والتدوير، إلى جانب الفرز من المصدر والمعالجة والتسبيخ، وصولاً إلى إنشاء مطامر صحية. وتلحظ فرض رسوم على المنازل للفرز، وغرامات على الممتنعين عن الفرز.

ولم تتأخر الاعتراضات على الخطة التي أقر مجلس الوزراء معظم بنودها، وبقي بند واحد يتعلق بالأحكام المالية أو استرداد الكلفة، والذي يخضع حالياً لمزيد من الدراسة. ووصفت النائبة بولا يعقوبيان هذه الخطة بـ«الكارثة الموصوفة خصوصاً أنها تنطلق بإقرار 3 محارق فيما لبنان لا يحتاج إلى أي منها بسبب نوعية نفاياته، إنما إلى إدارة سليمة والقليل من الضمير لدى المسؤولين الذين يتولون السلطة حالياً»، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «لم تلحظ تصوراً واضحاً وكاملاً لآلية تطبيق الفرز من المصدر ولا خطوات عملية للتخفيف من النفايات، وهذان المبدآن الأساسيان لأي حل مستدام وبيئي وسليم لمشكلة النفايات». وأضافت: «هذه السلطة تأخذ اللبنانيين رهائن في هذا الملف كما في كثير غيره، فتفرض عليهم السير بحلول المافيا أو تهددهم بإبقاء النفايات في الشوارع». وشددت يعقوبيان على أن «التخفيف من الإنتاج والفرز والتسبيخ يبقي كمية صغيرة جداً من النفايات التي يمكن اعتماد مطامر صحية للتخلص منها كما يحصل في الدول المحيطة ذات الطبيعة الجغرافية التي تشبه طبيعتنا».

أما أبرز اعتراضات الإخصائية في الإدارة البيئية والعضو في ائتلاف إدارة النفايات سمر خليل، فهي على وضع خريطة طريق وخطة اعتمدتها الحكومة من دون الاتفاق المسبق على استراتيجية متكاملة لإدارة النفايات، لافتةً إلى أنه «لا دراسات تقييم بيئي أو اقتصادي سواء للمحارق أو المطامر، والوزارة تعتمد على دراسات قديمة تعود إلى عام 2006، علماً بأن الظروف والأوضاع في المواقع المحددة منذ 13 عاماً الأرجح أن تكون قد تغيرت». وأضافت خليل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحصل هرطقة والنهج الذي يعتمده القيمون على الملف اليوم هو نفس النهج القديم الذي يعتمد توسيع المطامر، والمشكلة الكبرى في إصرارهم على المحارق، ما يفاقم المخاطر البيئية والصحية».

كان ائتلاف إدارة النفايات قد انتقد في بيان سير الحكومة بخطة الوزير جريصاتي «من دون دراسة تقييم بيئي استراتيجي ولا دراسة الجدوى الاقتصادية»، معتبراً أنه «إذا نُفِذ هذا القرار سوف يؤثر سلبياً على الشعب اللبناني لمدة 30 عاماً على الأقل!». وأضاف البيان: «سنحارب هذه الخيارات السيئة بكل الوسائل المتاحة لتجنيب الوطن والمواطن المزيد من التدهور البيئي والصحي والاجتماعي والاقتصادي».

كما أدان مسؤول الحملات في منظمة «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوليان جريصاتي، فرض الخطة ثلاثة محارق «قد تكون مصدراً لكارثة للبلد». وأشار في بيان إلى أن «حرق النفايات يتعارض ببساطة مع السياق اللبناني، ويمكن أن يكون خطيراً بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد، وسجلات الحوكمة السيئة ومزيج النفايات».

أخبار قد تهمك:

شاهد: دخل خيالي لسكان قرية إندونيسية من فرز النفايات

تركيا ولبنان يطلقان تصريحات متناقضة بشأن وجهة ناقلة النفط الإيرانية