هيئة الإذاعة البريطانية

 ينبغي أن تكون أكثر حرصًا على مدى دقة التقارير التي تنشرها، خصوصا في مجال العلم، بحيث أن التقارير المغلوطة يمكن أن تتسبب في نتائج كارثية. وهذه هي المرة الثانية في أقل من شهر، التي تتعرض فيها "بي بي سي" للنقد من قبل شخصية بارزة، لإعطاءها قدرا كبيرا من المصداقية للمشككين، الذين يمثلون أقلية ضئيلة ولكن يسببون صخبا من الرأي العلمي. وقبل بضعة أسابيع، قال موظف حكومي كبير سابق في المملكة المتحدة: إن الهيئة قامت بإعطاء وقت كبير على قنواتها للمتشككين. الشهر الماضي، وجد الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن الاحتباس الحراري العالمي بدأ يحدث بشكل مؤكد، وأنه مرتبط بتصرفات البشر. ولكن "BBC" أعطت الكثير من الوقت في العديد من برامجها للمتشككين بشأن تغير المناخ، الذين يأخذون رأيا معارضا، رغم أن أعدادهم صغيرة مقارنة مع هيئة البحوث العلمية بشأن تغير المناخ. وركز ميلر على برنامج واحد على وجه الخصوص أذيع في تموز/ يوليو للمضيف أندرو نيل، الذي استشهد بنتائج علمية مفترضة، قال: إنها تضع ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري قيد التشكك، وذلك في مقابلة وزير الطاقة والمناخ إد ديفي. واتهم نيل من قبل العلماء بعد ذلك بطرحه بيانات جزئية وحجج فقدت مصداقيتها. وقال ميلر: إن السماح لنيل ببث هذه الآراء كما لو كانت حقيقة تضليل للمشاهدين، لأنه اقترح أن الحجج التي ساقها لها ثقل خبرة وعلم خبراء المناخ. وقال مدير "بي بي سي" للسياسة التحريرية والمعايير ديفيد جوردان في رسالة، اطلعت عليها صحيفة الغارديان: بغض النظر عن الموضوع، يجب في أية مقابلة نزيهة طرح مجموعة من الحجج، بل وربما يكون عليك كمضيف أن تلعب دور محامي الشيطان، عند استجوابك لوزير بشأن السياسات الحكومية. وقد يكون صحيحا أن بعض الحجج التي سمعت في المجال العام هي معلومات خاطئة، ولكن هذا لا يعني أنها لا ينبغي أن توضع أمام السياسيين للمناقشة. إنها جزء من وظيفة مراسل "بي بي سي" أن يحاسب الحكومة، في جوهرها، ينبغي إجراء مقابلات على أساس الحجة المنطقية. ومع ذلك، طالما تمت مواجهة الوزراء بحجج قد تستند إلى سوء الفهم، أو حتى الجهل، فسوف تكون لهم فرصة لدحض هذه الحجج على "بي بي سي". وقال ميلر: هذا ليس اختصاص الخدمة العامة للقناة: صحيح أن مقدمي BBC يتصرفون أحيانا كمحامين للشيطان، ولكن كونها هيئة عامة ومن أكثر وسائل الإعلام ثقة في المملكة المتحدة فإن مشاهديها في حاجة لأن يكونوا على علم عندما يفعل المقدمون ذلك. في وقت سابق من هذا الشهر، عالم الأحياء ستيف جونز، الذي كان يراجع المادة العلمية لمراسلي بي بي سي عام 2011، قال لصحيفة الغارديان: إنه يشعر بالقلق من أن بي بي سي كانت لا تزال متشبثة بفكرة "التوازن الكاذبة" في تقديم المتشككين في قضية المناخ جنبا إلى جنب مع العلماء ذوي السمعة. وقال: هذا لا يجوز في العلم، أن تأتي بطبيب تجانسي جنبا إلى جنب مع جراح المخ لتحقيق التوازن، كما أن سيكون من السخف أن تٌحضر مشككا في عملية المناخ لتحقيق التوازن ضد علماء المناخ. وقالت بي بي سي في 2012: إنها وضعت العديد من توصيات جونز بشأن التقارير العلمية في حيز التنفيذ، بما في ذلك تعيين محرر للعلوم لكامل المؤسسة لكن في وقت سابق من هذا العام وفي لجنة استماع مختارة، أخبر المسؤول عن السياسة التحريرية والمعايير ديفيد جوردن أن "الهيئة قررت عدم اتباع التوصيات الرئيسية لجونز، بشأن تغير المناخ، وكان جونز قد قدم توصية واحدة، لكننا لم نأخذ بها، بحيث يجب علينا أن نأخذ ما يخص علم المناخ بشكل مستقر، ولا ينبغي لنا أن نسمع الأصوات المعترضة على العلم".