بيروت ـ جورج شاهين لم تر مصادر أمنية وعسكرية وسياسية لبنانية أي جديد على الأرض عند الحدود اللبنانية - السورية يستلزم الرسالة التي توجهت بها وزارة الخارجية السورية إلى الخارجية اللبنانية، والمتعلقة بإمكان قصف القوات السورية لما أسمتها "تجمعات للعصابات المسلحة" داخل الاراضي اللبنانية، لمنعها من العبور الى الداخل السوري، مطالبةً الجانب اللبناني بعدم السماح لها بذلك، في حين طالب كل من رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الحكومة اللبنانية بنشر الجيش على الحدود وتوسيع نطاق القرار 1701.
وأكدت المصادر أن الوضع هناك لم يتغير منذ نحو سنة، فالموالون والمعارضون للحكومة السورية من اللبنانيين عند الحدود يساعدون ويحتضنون السوريين الذين في صفهم.
وأوضحت المصادر اللبنانية أن الحركة غير الشرعية للأفراد والمجموعات والتهريب عبر الحدود تتركز في المناطق التالية جرود عرسال ومشاريع القاع ووادي خالد ومنطقة العريضة، نافية تمركز وحدات مسلحة سورية معارضة داخل الأراضي اللبنانية في شكل دائم، بل إن الأمر يقتصر على أن بعض هذه المجموعات تدخل من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، لاستخدامها كممر في اتجاه منطقة سورية أخرى.
وكشفت هذه المصادر أن الضابط السوري المنشق محمد طلاس الذي كان موقوفًا في لبنان بتهمة الدخول خلسة قد عاد خلسة إلى سورية عبر جرود عرسال، وهو موجود في بلدة فليطا السورية.
وقال مواطنون في بلدة جوسية التي تقع في مواجهة عرسال اللبنانية "إن هذا الكلام السوري قد يكون لسبب ما حققته قوات المعارضة من تقدم على الأرض في تلك المنطقة".
وعلى المستوى السياسي، علق رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة في تصريح، الجمعة، على الرسالة التي بعثت بها وزارة الخارجية السورية، ليل الخميس، الى وزارة الخارجية اللبنانية، وجاء فيه: "إن رسالة وزارة الخارجية السورية إلى وزارة الخارجية اللبنانية تحتوي على اتهامات وافتراضات عن وجود حشود مسلحين في الجانب اللبناني من الحدود، واتهامات عن تسلل مقاتلين إلى الجانب السوري، وفي الوقت عينه فهي تتضمن تهديدًا علنيًا وقحًا في اتجاه لبنان. لذلك وإزاء هذا التطور الخطير يهمنا ان نؤكد على النقاط الآتية:
أولاً: لقد سبق أن أعلنا في مواقف متعددة سابقة رفضنا القاطع لأن يستخدم لبنان والحدود اللبنانية مكانًا ومنطلقًا للتدخل في الشأن السوري، وذلك بالتوازي مع إبداء التعاطف مع أهداف الثورة السورية والدعم السياسي والإعلامي لها.
ثانيًا: إن الحكومة اللبنانية مطالبة بأن تقدم الاجوبة الواضحة والصريحة على الاتهامات السورية، وأن تتحرك بسرعة وعلى مختلف المستويات لاتخاذ الإجراءات الميدانية والعسكرية لحماية الحدود والمناطق الشمالية والشرقية من لبنان، من أجل منع الاعتداءات التي يبدو أنها مقررة، والحؤول دون احتمال إقدام مسلحين من اية جهة كانوا على استخدام الأراضي اللبنانية منطلقًا لأعمال عسكرية.
إن منع استخدام الأراضي اللبنانية في أية أعمال في اتجاه الأراضي السورية ومن أي طرف كان هو أمر منوط بالسلطات اللبنانية المختصة، التي يجب أن تنتشر على الحدود، وتمنع حصول أي من هذه التجاوزات. وكذلك في منع وردع أي اعتداء من جانب قوات الحكومة السورية على الحدود اللبنانية، والقرى والبلدات والمواطنين اللبنانيين.
ثالثًا: إن التهديد الصادر عن الخارجية السورية ضد لبنان غير مقبول، وبالتالي مرفوض رفضًا تامًا، وهو يوحي أن الاعتداء على لبنان قرار متخذ، بدليل المواقف التصعيدية والتهديدية المتعددة التي صدرت في اليومين الماضيين عن شخصيات سورية، وأخرى في لبنان محسوبة على سورية. من هنا، فإننا نحذر من مغبة الاعتداء على لبنان، ونعتبر أن أي اعتداء يطال الأراضي اللبنانية ستكون له انعكاسات لا يمكن حسبانها في هذه الظروف، وبالتالي من واجب الحكومة اللبنانية المبادرة فورًا إلى إعلام الأمين العام لجامعة الدول العربية، والطلب منه المبادرة إلى إبلاغ الدول العربية الشقيقة بذلك، فضلاً عن إعلام الأمين العام للأمم المتحدة بالأخطار المحتملة نتيجة التهديدات السورية، وما يمكن ان ينتج عنها على أكثر من صعيد سياسي ودبلوماسي وأمني.
رابعًا: إن السؤال الذي يطرح نفسه وسط هذا التصعيد المبرمج: هل هناك من قرر تفجير الأوضاع في لبنان عشية القمة العربية المزمع عقدها في الدوحة، من أجل تحويل الأنظار عن انتهاكات الحكومة السورية ضد المواطنين السوريين في سورية، وتركيز الأنظار على لبنان بعد تفجير الأوضاع وتنفيذ التهديدات، والاعتداءات السورية المعدة والمبرمجة، والتي يهددون بتنفيذها".
دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الحكومة اللبنانية، في بيان، "إلى اتخاذ قرار واضح بنشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية - السورية، وتوسيع نطاق القرار 1701"، وطالبها "أن تعقد اجتماعًا استثنائيًا لهذه الغاية"
وقال "إن الوضع على الحدود اللبنانية - السورية مقلق، خصوصًا بعد التهديدات الاخيرة التي أطلقتها حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بمهاجمة وقصف المناطق الحدودية، فالحكومة اللبنانية مدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي تطلب فيه من الجيش الانتشار على الحدود"، لافتا الى أنه "إذا كان عدد الجيش وعتاده لا يكفيان، فعلى الحكومة الطلب من مجلس الأمن تطبيق البندين 11 و14 من القرار 1701 لتوسيع نطاق عمل القوات الدولية، ومساعدة الجيش في حماية الحدود الشمالية الشرقية".
وحذر جعجع من "أن تلكؤ الحكومة سيعرض المناطق الحدودية إلى أخطار داهمة، شهدنا بعضا منها في السنتين الماضيتين، وهي مرشحة للازدياد إلى حد التدهور الكامل".
من جهتهم، استغرب أهالي وادي خالد أيضًا الكلام السوري، وهم ينفون في شكل قاطع أي تسلل من منطقتهم في اتجاه تلكلخ لافتين إلى أن المنطقة الممتدة من جسر السكة في براغيت إلى المنصورة فالبقيعة فوادي خالد فالكنيسة، حتى بلدة هيت مضبوطة بشكل كامل من الجانب السوري، فبالإضافة إلى زرع الحدود بالألغام تفرض القوات السورية بالنار منذ المغيب، وطوال الليل، حظر تجول عند هذه الحدود، ويتهم أهالي وادي خالد المخابرات السورية بافتعال أحداث هناك من قبل لبنانيين موالين لها، كي تقوم برد عسكري يسقط جراءه أحيانًا ضحايا في الجانب اللبناني.