تونس ـ أزهار الجربوعي أجرى الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، الخميس، مشاورات ولقاءات مكثفة مع رؤساء الأحزاب السياسية في البلاد، ناقش خلالها تداعيات الأحداث المصرية على تونس، فيما أكد رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي اتفاق القوى السياسية على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة قبل نهاية العام الجاري. وأصدر الرئيس التونسي وثيقة بشأن ملاحظاته على مشروع الدستور الجديد، دعا فيها إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وإشراك رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في رسم السياسة العامة والسياسة الخارجية للدولة، وإفراد القضاء العسكري بمحاكمة العسكريين من دون غيرهم من المدنيين .
وأصدر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، وثيقة تتضمن ملاحظاته الرسمية بشأن مشروع الدستور الجديد، دعا فيها إلى التنصيص على إلغاء عقوبة الإعدام في الدستور التونسي الجديد، معربًا عن أسفه لأن تونس ليست من بين الدول 137 التي جرّمت هذه العقوبة، مُعتبرًا أنها "سلاح فتاك تم استعماله دومًا للتخلص من الخصوم السياسيين وترويع الأقليات"، داعيًا إلى أن ينص الدستور الجديد على أن رئيس الجمهورية هو صاحب الاختصاص في مجال العلاقات الخارجية، إشرافًا وتأطيرًا وقيادة، ومن مهامه النظر في تسليم المجرمين الأجانب ومنح الجنسية التونسية والنظر في السياسات الخارجية في المجالات المالية والاقتصادية والاستثمارية، مناديًا بضرورة التنصيص على حق المبادرة التشريعية لرئيس الجمهورية في ما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقات، إلى جانب مشاركة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في رسم السياسة العامة للدولة، بما في ذلك السياسة الخارجية.
وفي المجال القضائي، أكد المرزوقي على أن "القضاء العسكري يجب أن يقتصر على النظر في الجرائم العسكرية المرتكبة من العسكريين من دون غيرهم"، مقترحًا التنصيص على إحداث هيئة موحدة للرقابة الإدارية والمالية، بما يترتب عنه توحيد هيئات الرقابة كافة الموجودة حاليًا، في إطار هيئة واحدة تتولى إجراء الرقابة الإدارية والمالية على جميع الهياكل العمومية من دون استثناء.
وعن باب الأحكام الانتقالية في الدستور الذي وصفته المعارضة بـ"الكارثي"، داعية إلى مراجعته برمته، معتبرين أنه قد أورد أحكامًا مسقطة تفرع الدستور من محتواه وتعطل نفاذه، دعا الرئيس التونسي إلى أن يتواصل العمل بمقتضيات التنظيم الموقت للسلطات العمومية (الدستور الموقت للبلاد)، ويواصل المجلس التأسيسي مهامه التي تنتهي بانتخاب مجلس الشعب، أما في في مجال تنظيم السلطات التنفيذية والتشريعية فيدخل الدستور حيز التنفيذ حال انتخاب رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.
وقد تركز اللقاء الذي جمع المرزوقي مع رئيس حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي، الخميس، في قصر قرطاج الرئاسي، على الأوضاع في المنطقة ولا سيما في مصر، إلى جانب التداول في واقع المسار الانتقالي وسبل تسريعه في إطار توافقي بين مختلف أطياف المشهد السياسي الوطني ليفضي إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، حيث أكد الغنوشي، وجود اتفاق تام بين مختلف القوى السياسية على المضي قدمًا نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة قبل نهاية العام الجاري، وأن ذلك يقتضي تشكيل لجنة اتصال تتولى ضبط ما تبقى من مسائل تتعلق بالعملية الانتخابية، وتسهر على إدارة حوار بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، داعيًا إلى ضرورة دفع الحوار الوطني بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية.
كما ناقش المرزوقي، مع رئيس الحكومة التونسية الأسبق ورئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، بحضور الأمين العام للحركة الطيب البكوش، تطورات الوضع الإقليمي وتداعياته المحتملة على تونس والسبل الكفيلة بتنشيط الحوار الوطني، بما يسهم في دفع المسار الانتقالي إلى نهايته في أفضل الظروف وفي مناخ توافقي، حيث أوضح السبسي، أنه قد أطلع رئيس الجمهورية على رأي حزبه في الوضع الراهن الذي تمر به تونس، لا سيما تأخر الانتهاء من صياغة الدستور الجديد وضبط تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتحديد موعد للاستحقاق الانتخابي المقبل، معبرًا عن أمله بتجد اقتراحاته القبول من قبل بقية الأحزاب السياسية الأخرى.
وأكد رئيس الهيئة السياسية للحزب "الجمهوري" أحمد نجيب الشابي، غداة لقائه رئيس الجمهورية، أن "الظرف الراهن الذي تعيشه تونس يستوجب ضرورة الإسراع بإنهاء المرحلة الانتقالية والشروع في الإعداد للانتخابات المقبلة في أقرب الآجال، وبتوافق وطني، وأن الأحداث التي جدت في مصر أخيرًأ تلزم جميع الأطراف السياسية بتنقية الأجواء السياسية، وإرساء حوار وطني جاد"، في حين انتقد الأمين العام للحزب "المسار الديمقراطي الاجتماعي" أحمد ابراهيم، ما وصفه بـ"جمود" المسار الانتقالي في مكانه وغموض الرؤية بشأن مختلف مواعيد الاستحقاقات المقبلة، ولا سيما تاريخ الانتهاء من صياغة الدستور وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، معتبرًا أن المواصلة على النهج نفسه لم يعد مقبولاً.
وأكد الأمين العام لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" عماد الدائمي، أنه أفاد رئيس الجمهورية بضرورة تطوير التوافقات الحاصلة بين الأحزاب السياسية، ولا سيما عمل لجنة التوافقات داخل المجلس الوطني التأسيسي لتجاوز النقاط الخلافية الموجودة في مشروع الدستور، فضلاً عن ضرورة تطوير الحوار الوطني لإنهاء التوتر الموجود على الساحة السياسية.
كما دعا عماد الدايمي  إلى ضرورة تكاتف جهود جميع الأطراف السياسية لإنجاح ما تبقى من المرحلة الانتقالية واستخلاص العبر والدروس من الأحداث التي عاشتها مصر مؤخرا، فيما شدد رئيس كتلة حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات،  المولدي الرياحي على أهمية الإسراع بالمصادقة على مشروع دستور توافقي وإعداد مجلة انتخابية وتكوين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتوسيع دائرة الحوار داخل المجلس الوطني التأسيسي وخارجه حول بعض النقاط الخلافية ووضع كل الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة.