القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد قامت إسرائيل بمصادرة ما يزيد عن 120 مليون دولار أميركي قيمة الإيرادات الضريبية التي قامت بتحصيلها نيابة عن السلطة الفلسطينية، وذلك في ثاني رد فعل انتقامي ضد الفلسطينيين في أعقاب حصولهم على اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية خلال الأسبوع الماضي بأغلبية ساحقة. يأتي هذا العقاب الإسرائيلي في الوقت الذي عاد فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من نيويورك إلى رام الله في الضفة الغربية وسط استقبال حافل بعد أن قامت 138 دولة من أعضاء الجمعية العام بالتصويت لمصلحة منح فلسطين لقب دولة غير عضو بدلا من كيان. ولم يعترض على القرار سوى تسعة بلدان، بينما امتنعت 41 دولة عن التصويت.
وتعد هذه العقوبات المالية كثاني رد فعل انتقامي إسرائيلي على نتيجة التصويت. وكانت إسرائيل قد أعلنت الجمعة الماضية عن برنامج ضخم للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، كأول رد فعل إسرائيلي على القرار.
وقال مصدر رسمي إسرائيلي إن "إسرائيل يحق لها خصم قيمة المبالغ المستحقة على السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء الإسرائيلية من إجمالي مبلغ الدين الواجب سداده للسلطة والذي يزيد عن 200 مليون دولار"، إلا أنه اعترف بأن "الخطوة جاءت كرد فعل انتقامي على قرار الأمم المتحدة"، وأكد أن "ذلك قد يتكرر خلال كانون الثاني/ ينايرالمقبل"، وقال "إن الكثير من الأمور مرهونة بما يفعله ولا يفعله الفلسطينيون".
وقال وزير المالية الإسرائيلي، يوفال ستينيتز في تصريحات أدلى بها إلى راديو إسرائيل " لا أنوي هذا الشهر تحويل الموارد المالية إلى الفلسطينيين، وأعتزم خلال الفترة المقبلة استخدام تلك الأموال في خصم الديون التي تستحق على السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء الإسرائيلية، وغيرها من الهيئات الإسرائيلية".
وقد رفضت المتحدثة باسم السلطة الفلسطينية "التعليق"، واكتفت بالقول إن "المسؤولين الفلسطينيين لم يتلقوا إشعارًا رسميًا بذلك من الإسرائيليين". إلا أن ياسر عبد ربه أحد كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، قال إن "إسرائيل ترتكب جريمة "القرصنة والسرقة" عندما ترفض تسليم السلطة الفلسطينية أموالها".
وأضاف أنه "كان من المتوقع أن تقوم إسرائيل باتخاذ إجراءات انتقامية في أعقاب قرار الأمم المتحدة"، وقال مصدر رسمي فلسطيني إن "احتجاز الإيرادات الضريبية المستحقة للفلسطينيين، إنما هو "تصرف يائس" من جانب إسرائيل تجاه الدعم الدولي الهائل للدولة الفلسطينية".
وكانت إسرائيل في الماضي قد قامت بتجميد الإيرادات الشهرية كعقوبة ضد السلطة الفلسطينية، مما أسفر عن تأخر قيام السلطة دفع الرواتب المتأخرة للآلاف من موظفيها العموميين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وجاء القرار الإسرائيلي في أعقاب إعلان إسرائيل عن برنامج توسع استيطاني ضخم يشمل أراضي قريبة من القدس يثور حولها جدل كبير. وذكرت إسرائيل الجمعة الماضية أنها "ستقوم ببناء 3000 وحدة سكنية جديدة في عدد من المستوطنات في مناطق الخط الأخضر المحتلة بعد العام 1967". وأضافت أنها "بصدد القيام بعزل القدس الشرقية التي يفترض أنها عاصمة الدولة الفلسطينية عن بقية الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء أدانته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا".
وقال محمود عباس لدى عودته من نيويورك أمام حشد من خمسة آلاف في رام الله إن "العالم قال نعم للدولة الفلسطينية، وطالب المحتشدين بتسوية الخلافات والتصالح بين فتح وحماس والوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة".
وخلال اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي قال بنيامين نيتانياهو إن "قيام السلطة الفلسطينية باللجوء إلى الأمم المتحدة من جانب واحد، يعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات التي أبرمتها مع إسرائيل، وتبعًا لذلك فإن إسرائيل ترفض قرار الجمعية العامة".
وأضاف أن "إسرائيل "ستواصل البناء في القدس، وفي كل المناطق الواردة بخريطة المصالح الإستراتيجية لإسرائيل".