العاهل المغربي الملك محمد السادس

أكّد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن مبادرة الحكم الذاتي “تجسد السبيل الوحيد لتسوية نزاع الصحراء”، وأوضح في خطاب ألقاه مساء أول من أمس بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء أن مبادرة الحكم الذاتي تجسد حلًا سياسيًا واقعيًا، عمليًا وتوافقيًا: “نظرًا لجديتها ومصداقيتها، وصواب توجهاتها، لأنها السبيل الوحيد للتسوية في إطار الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة”.

ولفت الملك محمد السادس إلى أن هذا التوجه تعزز بزيادة عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي، في إشارة إلى “الجمهورية الصحراوية”، والذي يفوق حاليا 163 دولة، مشيرا إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تعززت أيضا بالشراكات والاتفاقيات، التي تجمع المغرب بالقوى الكبرى، وعدد من الدول الشقيقة والصديقة، والتي تشمل كل جهات المملكة، بما فيها الأقاليم الصحراوية.

وأضاف العاهل المغربي أن المغرب “ظل واضحا في مواقفه بخصوص مغربية الصحراء، ومؤمنا بعدالة قضيته، ومشروعية حقوقه”، مؤكدا أن بلاده ستواصل العمل بصدق وحسن نية، طبقا للمقاربة السياسية المعتمدة حصريا من طرف منظمة الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي وتوافقي.

كما أعرب الملك محمد السادس عن الأسف لكون “البعض” لا يتعامل بجدية مع التحديات “الكثيرة والمعقدة”، التي تواجه المنطقة، مجددا التأكيد على التزامه بإقامة علاقات سليمة وقوية مع الدول المغاربية. وقال بهذا الخصوص إن “الوضع الحالي بالمنطقة وبالفضاء المتوسطي يسائلنا جميعا، ويدعونا للتحرك الإيجابي، نظرا لما يحمله من فرص وتحديات”.

وأوضح العاهل المغربي أن الشباب المغاربي يطالب بفضاء منفتح للتواصل والتبادل؛ وأن قطاع الأعمال، يطالب من جهته “بتوفير الظروف للنهوض بالتنمية، والشركاء، وخصوصا الأوروبيين منهم، يحتاجون إلى شريك فعال، فيما ينتظر الإخوة الأفارقة جنوب الصحراء مساهمة بلداننا في البرامج والتحديات الكبرى للقارة”. مبرزا أن الأشقاء العرب يريدون مشاركة المغرب الكبير في بناء نظام عربي جديد.

وأضاف الملك محمد السادس أن “الآمال والانتظارات كبيرة، والتحديات كثيرة ومعقدة. وما يبعث على الأسف هو أن البعض لا يتعامل معها بجدية”، مشيرا إلى أن “عدونا المشترك هو الجمود وضعف التنمية، التي تعاني منها شعوبنا الخمسة”.

من جهة أخرى، أكد الملك محمد السادس عزمه جعل المغرب فاعلا أساسيا في بناء أفريقيا المستقبل، مبرزا أن المملكة أصبحت تحتل حاليا مكانة متميزة على المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية داخل القارة، وذكر في هذا السياق بأن القارة الأفريقية توجد في صلب السياسة الخارجية لبلاده. كما ذكّر أيضا بالزيارات التي قام بها لمختلف دول القارة، والتي جرى خلالها التوقيع على نحو ألف اتفاقية، تشمل كل مجالات التعاون، وهو ما كان له “أثر ملموس على مستوى مكانة المغرب الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية داخل القارة”، مشيرا إلى طموح المملكة للرفع من مستوى المبادلات التجارية، ومن الاستثمارات المغربية في القارة.

وقال في هذا السياق إن الأمر يتعلق بـ”إطلاق مرحلة جديدة عمادها المنفعة المشتركة”، موضحا أن تحقيق هذه الأهداف “يتوقف على وفاء المغرب بالتزاماته، ومواصلة ترسيخ حضوره في أفريقيا. ونحن مسؤولون على مواصلة تعزيز العلاقات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، التي تجمع المغرب بالدول الأفريقية”.

وقال إن “المغرب الذي نريده يجب أن يقوم على جهات منسجمة ومتكاملة”، مبرزا أن كل الجهات يجب أن تستفيد على قدم المساواة من البنيات التحتية، ومن المشاريع الكبرى، لأن “التنمية الجهوية يجب أن ترتكز على التعاون والتكامل بين الجهات، وأن تتوفر كل جهة على منطقة كبرى للأنشطة الاقتصادية، وذلك حسب مؤهلاتها وخصوصياتها”.