دمشق ـ جورج الشامي تناقلت وسائل الإعلام المحلية في سورية في الأيام القليلة الماضية خبر تشكيل خلية أزمة اقتصادية لإدارة الاقتصاد السوري تلافياً للانهيار المتزايد لليرة السورية. وجاءت أولى قرارات هذه الخلية بوضع المصرف المركزي يده على حوالات السوريين الواردة بالقطع الأجنبي وتسليمها لصاحب الشأن بالليرة السورية حصراً، ووفقاً للتسعيرة الرسمية مما سيسبب خسارة هائلة للمواطن السوري، وذلك للتفاوت بين سعر الليرة في المصارف السورية وبين سعره في السوق السوداء.
حيث وضعت سلطات النظام السوري خطة اقتصادية طارئة لتلافي الانهيار المتزايد في الاقتصاد السوري تضمنت الخطة مقترحات لضبط سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، وركزت على إيجاد سياسة حكومية تدخلية فاعلة لتوفير المواد الأساسية في السوق، فضلاً عن التشدد في مراقبة الأسعار ومتابعة المحتكرين وتفعيل عمل صندوق دعم الصادرات، كما تم طرح فكرة تشكيل خلية أزمة اقتصادية لإدارة الاقتصاد السوري.
وجاء نتيجة لهذه الخطة أولى القرارات حيث أعلن المصرف المركزي رفع سعر صرف الدولار 4 ليرات، في الوقت الذي أصدر فيه قراراً بوضع يده على حوالات السوريين الواردة بالقطع الأجنبي وتسليمها لصاحب الشأن بالليرة السورية حصراً. وبذلك سيخسر السوريون ما يقارب نصف ثرواتهم.
فرسمياً الليرة أصبحت تساوي نصف قيمتها عما كانت عليه قبل عامين والدولار الرسمي ارتفع أكثر من 100 % من 47.5 إلى 95.64 ليرة فقد حدد المصرف المركزي في نشرته الرسمية السبت سعر صرف الدولار عند 95.06 ليرة شراء و95.63 ليرة مبيعاً، على حين حدد سعر صرف اليورو مقابل الليرة بـ124.57 ليرة شراء و125.44 ليرة للمبيع، إذ يرى مراقبون في هذه الخطوة بأن هناك نية لرفع سعر الصرف أكثر في النشرة الرسمية بما يحول دون خسارة المركزي أكثر وكذلك لوقف تمويل المستوردات بينما الدولار في السوق السوداء يحلق عالياً فوق الـ120 ليرة سورية.
ورفع سعر الدولار رسمياً 4 ليرات مرة واحدة بينما سعر الدولار في السوق السوداء يتراوح بين سعر 115 -120 ليرة سورية ، ما يعني محاولة المركزي التخلص من عملية تمويل المستوردات وهذا ما يتخوف منه التجار بسبب خساراته الكبيرة للدولار وفقدان الليرة السورية قدرتها الشرائية وعدم القدرة على الإيفاء باحتياجات البلد من القطع، في الوقت الذي تشير فيه أرقام التجارة الخارجية إلى تراجع كبير في الصادرات وصلت إلى 200ألف دولار فقط في العام الماضي! علماً أن الصادرات كانت في عام 2009 بحدود 14 مليار دولار.
من جهة ثانية أقر المركزي السبت قراراً يقضي بإلزام شركات الصرافة المرخصة والمتعاقدة أصولا مع أحد شركات تحويل الأموال العالمية بتسليم الحوالات الواردة من الخارج بموجب العقد الموقع مع هذه الشركات بالليرات السورية حصرا بحيث يتم شراء القطع الأجنبي في الحوالة على أساس سعر صرف الدولار الأميركي المحدد في متن النشرة وسطي أسعار الصرف الخاصة بمؤسسات الصرافة الصادرة عن مصرف سورية المركزي والنافذة بتاريخ دفع قيمة الحوالة للمرسل إليه. وهذا القرار حسب مراقبين يعني أولاً منع السوريين من الحصول على حوالاتهم الخارجية بالدولار، وثانياً هو مؤشر على شح القطع الأجنبي في خزائن المركزي وبالتالي يسعى إلى لملمة دولار الحوالات التي كانت تقدر قبل عامين ب 1.5 مليار دولار بينما الأحد من المتوقع أن تكون أكبر من ذلك.
كما نص القرار أن تلتزم شركات الصرافة ببيع حصيلة القطع الأجنبي المقابل لقيمة الحوالات الواردة والمسلمة إلى أحد المصارف المرخصة والمسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي وفقاً للآلية الصادرة عن مصرف سورية المركزي بهذا الخصوص.
وبهذه الخطوة سيخسر المواطن السوري ما يقارب 25 ليرة سورية عن كل دولار في الحوالات القادمة، ولن يستطيع أن يحصل على حوالاته بالعملة الأساسية لها، وضمن هذا السياق يبدو أن خطة الحكومة لدعم الليرة السورية، تعتمد في أساسها على سرقة المواطن السوري، وابتزازه بدلاً من دعمه ورفع سويته، في ظل الوضع المعيشي السيء الذي يعيشه منذ أكثر من عامين.