دمشق ـ جورج الشامي يعاني الاقتصاد السوري من شح في الاحتياط النقدي، بين خراب وهدم البنى التحتية للدولة وبين إعادة الإعمار والبناء، وتبدو الأرقام الواردة من العاصمة السورية دمشق مثيرة للاستغراب والتساؤل عن حقيقة الوضع، بخاصة مع الموازنات الخيالية التي صدرت أخيرًا، حيث رصدت الحكومة السورية بحسب مصادر صحافية حكومية مبلغ 330 مليار ليرة سورية لإعادة الإعمار أي ما يعادل 3.30 مليار دولار، فيما جاء على لسان معاون وزير صادق أبو وطفة "إن الحكومة رصدت هذا العام مبلغ 30 مليار ليرة سورية للجنة إعادة الإعمار الناجم عن الأعمال الإرهابية المسلحة و300 مليون ليرة رصدت من هيئة التخطيط والتعاون الدولي وفي حال تمت الحاجة إلى مبالغ إضافية سيتم رصدها فورًا".
في المقابل رصد تلفزيون الأورينت (المعارض) موازنة الدولة السورية لعام 2013، التي بلغت 1383 مليار ليرة، أي 1.2 تريليون ليرة بشقيها الجاري والاستثماري توزعت مبالغ الاعتمادات الإجمالية والإيرادات في موازنة العام 2013، إذ يستحيل حسب أحد المحللين أن تمتلك حكومة سورية 12 مليار دولار في ظل الظروف الصعبة التي وضع نفسه بها ووضع مقدرات البلد في خدمة الدمار والخراب، وهذا ما يفسره رئيس الحكومة السورية خلال اجتماع الحكومة، الجمعة، عندما قال "إن الوديعة الإيرانية من شأنها تعزيز الاحتياطي النقدي لدى المصرف المركزي وهنا يأتي التناقض الصارخ في اعتمادات الموازنة الفلكية قياسًا بالقدرات المالية التي يتضح تآكلها بشكل كبير" .
و تشير معلومات إلى أن الاعتمادات الجارية الخاصة بالعام 2013 تضمنت جدولاً خاصاً باعتمادات لرئاسة الجمهورية (القصر الجمهوري) ومجلس الشعب ووزارة الدفاع، حيث تصل الاعتمادات الإجمالية المخصصة من رئاسة الجمهورية إلى 2 مليار و113 مليون ليرة أي تقدر بأكثر من 20 مليون دولار، كما خصص مجلس الشعب باعتمادات تصل إلى 631 مليون ليرة، أي (56ملايين دولار)، أما الاعتمادات الأهم هي لوزارة الدفاع التي قدرت قيمتها 132 مليار ليرة، أي بحدود 1.4 مليار دولار، وهذا ما يشير بوضوح إلى تمويل العمليات العسكرية وهو ما يشير إلى فكرة الإصرار على خطة دمار البلد من خلال استهلاك كامل الموارد المالية المتبقية في الحرب على المدنيين والشعب بحجة مكافحة الإرهاب.
و على جانب آخر  خصصت الاعتمادات الخاصة بالكهرباء والغاز والماء مجتمعة في الموازنة بحدود ثلث ما خصص لوزارة الدفاع حيث خصص لقطاع الخدمات هذه 53 مليار و764 مليون و865 ألف ليرة، أي ما يقارب نصف مليار دولار، أما الاعتمادات الخاصة بالصناعة الاستخراجية وصلت إلى 12 مليار و36 مليون و985 ألف ليرة، أي بحدود120 مليون دولار، ثم اعتمادات الصناعات التحويلية ووصلت إلى 3 مليار و593 مليون و630 ألف ليرة، أي أكثر من36 مليون دولار، ثم المال والتأمين والعقارات باعتمادات استثمارية فقط وصلت إلى 2 مليار و767 مليون، أي بحدود 30مليون دولار .
ووفقاً لهذه الأرقام نجد أن الحكومة السورية -حسب محللين اقتصاديين وسياسيين- تحاول الاستفادة إلى أبعد الحدود من الوضع الجاري حالياً، حيث تعتمد على رصد مبالغ ضخمة للقطاعات الأكثر فائدة بالنسبة لها، وفي حال بقائها لنهاية العام الجاري، سيكون قد كلّفت الخزينة السورية بين هدم وإعادة إعمار ما يقارب 2.6 مليار دولار، ويرى هؤلاء أن أكثر من نصف هذا المبلغ سيذهب ضحية الفساد الإداري في المنظومة الحكومية، وسيكون مصيره مصارف سويسرا في حسابات رؤوس الحكومة.
في حين سيكون المواطن السوري أكبر الخاسرين من العملية، خاصة أن أعداد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة يتضاعف شهرياً ومع انتهاء عام 2013 قد يصل إلى عشرة ملايين مواطن حسب بعض الإحصائيات، وهذا ما سيخفف الحمل على النظام السوري، وسيساهم في زيادة الاختلاس والسرقة من الأموال العامة، إن وجدت.