دمشق - جورج الشامي أعلن حزب البعث الحاكم في سورية، الاثنين، اختيار قيادة قُطْريّة جديدة لا تتضمن أياً من أعضاء القيادة السابقين، بمن فيهم نائب الرئيس فاروق الشرع، فيما بقي بشار الأسد في منصب الأمين العام. وأفاد الموقع الإلكتروني للحزب بأن اللجنة المركزية "عقدت صباح الاثنين اجتماعاً موسعاً برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد الأمين القطري للحزب"، تم خلاله "اختيار قيادة قطرية جديدة".
   ولم يلتفت الشارع السوري كثيراً لهذه التغيرات، وبخاصة أن الحزب البعث الحاكم لا يتعدى كونه واجهة للحكم في دمشق، ويرى الكثيرون أن هذا التغير لن يحدث أي فرقاً على أرض الواقع، وأكّد عدد من السوريين لـ"العرب اليوم" أنهم نسوا أساساً أن هناك حزبا يُدعى البعث، وأن لا وجودا حقيقيا له على أرض الواقع، خاصة أنه بعيداً عن الحياة الواقعية، وعن الشارع.
   وقالت المعارضة السورية مرح البقاعي أن السوريين نسوا أن هناك حزب بعث يحكم في سورية، مشيرةً إلى أن بشار الأسد يستخدمه كواجهة فقط لسلطة مجموعته الأمنية التي تحكم منذ عقود، زمنه وزمن والده، بعنف السلاح.
   وأكد ممثل الحزب اليساري في إقليم كردستان فتح الله حسيني أن اختيار قيادة قطرية جديدة للبعث في سورية هي محاولة تشويش على الراهن السوري، وما يجرب في البلاد من خراب، وأوضح حسيني أنه كان الأجدى بالرئيس السوري بشار الأسد، اتخاذ قرار وقف إطلاق النار على الأقل، كهدنة، ومن ثم التوجه إلى بدائل في تغيير القيادات، مشدداً على أن هكذا بدائل ستظل مرفوضة، طالما أن النهج هو نهج بعثي بامتياز، فلا أحد يستطيع التمرد على القرارات حتى لو كان الأمين العام المساعد للحزب، لافتاً الى أن القيادة القطرية تظل قيادة ممنهجة وتسير وفق ما هو مرسوم لها، مؤكداً أنه لا جديد في الأمر.
  وبين الأعضاء الجدد رئيس مجلس الشعب جهاد اللحام، ورئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ورئيس اتحاد طلبة سورية عمار الساعاتي ووزير الكهرباء عماد خميس ورئيس اتحاد العمال محمد شعبان عزوز، والسفير السوري في مصر يوسف الأحمد ووزير الأشغال العامة حسين عرنوس.
  وذكر مصادر مطلعة لـ"العرب اليوم" أن هذا التغيير سينعكس على مجلس الوزراء، حيث من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة إن لم تكن الساعات المقبلة استقالة الحكومة، أو على الأقل تعديل وزاري جذري يطال وزارات سيادية.
  وتضم القيادة القطرية كذلك كلاً من هلال هلال الذي انتخب أمينا قطريا مساعدا للحزب وعبدالناصر شفيع وعبدالمعطي مشلب وأركان الشوفي ونجم الأحمد وخلف المفتاح ومالك علي، بالإضافة إلى امرأة واحدة هي فيروز موسى.
   ويبلغ بذلك عدد أعضاء القيادة الجديدة 16، بمن فيهم الرئيس الأسد، فيما كانت القيادة السابقة المنتخبة في 9 يونيو/حزيران 2005، مؤلفة من 15 عضواً، بينهم وزير الدفاع الأسبق حسن تركماني ورئيس الأمن القومي هشام بختيار اللذان قتلا في انفجار استهدف اجتماعاً أمنياً في دمشق في 18 يوليو/تموز 2012.
   ولأول مرة يغيب عن عضوية القيادة القطرية القيادات الأمنية والعسكرية، والتي لم تغب عن "القطرية" منذ تأسيس حزب البعث.
   ومن أبرز الأسماء في القيادة السابقة، فاروق الشرع، الذي يعتبر منذ ثلاثة عقود الضمانة السنية لنظام الرئيس بشار الأسد الذي يستند إلى الأقلية العلوية، وقد تسلم حقيبة الخارجية طيلة 22 عاماً قبل أن يصبح نائباً للرئيس في 2006.
   وبقي الشرع بعيداً عن الأضواء إجمالاً منذ اندلاع النزاع في منتصف مارس/آذار 2011، باستثناء ترؤسه في يوليو/تموز 2011 لقاء تشاورياً للحوار الوطني السوري شاركت فيه قرابة 200 شخصية تمثل قوى سياسية حزبية ومستقلة وأكاديميين وفنانين.
   ويأتي انتخاب القيادة القطرية الجديدة لحزب البعث العربي الاشتراكي وسط أزمة غير مسبوقة تعصف بالبلاد تطورت من حركة احتجاجية إلى نزاع مسلح أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص منذ منتصف آذار/مارس 2011.
 وأجرت السلطات السورية في شباط/فبراير 2012 استفتاء على دستور جديد، في محاولة لها لتهدئة الاحتجاجات، ألغي بموجبه الدور القيادي لحزب البعث القائم منذ خمسين عاما. وحلت فقرة تنص على "التعددية السياسية" محل المادة الثامنة التي تشدد على دور حزب البعث "القائد في الدولة والمجتمع". ولكن ذلك بقي على الورق في حين مازالت القيادات البعثية تتبوأ المراكز الحساسة في الحكومة ومؤسسات الدولة.