قصف مواقع تنظيم "داعش"

بدأت قوات التحالف الدولي – العربي لمحاربة التطرف، ضرباتها العسكرية في سورية، الثلاثاء، عبر استهداف 50 موقعًا لتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، ما أسفر عن مقتل 130 من المتشددين، الأمر الذي اعتبره مراقبون "أقوى ضربة متزامنة للمجموعات المتشددة في سورية، منذ بدء الأزمة".

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أن الجيش الأميركي و"شركاء" شنوا للمرة الأولى غارات على مواقع "داعش" في سورية بواسطة مقاتلات وقاذفات وطائرات من دون طيار، إضافة إلى إطلاق 47 صاروخ "توماهوك" من سفن أميركية موجودة في البحر الأحمر ومنطقة الخليج. وأوضحت في بيان، أن "الضربات دمرت أو ألحقت أضرارا بأهداف لـ(داعش)، بينها عدد من المقاتلن ومجموعات تدريب ومقار ومنشآت قيادة ومخازن ومركز تمويل وشاحنات إمدادات وآليات عسكرية".

 واستهدفت الغارات مواقع التنظيم في معقله في الرقة، إلى جانب أهداف على الحدود بين سورية والعراق في دير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق) والبوكمال (شرق)، حيث دمرت الأهداف أو ألحق الأذى فيها.

وتعد هذه العملية التدخل الأجنبي الأول منذ اندلاع النزاع منذ أكثر من 3 سنوات في سورية، حيث يسيطر تنظيم "داعش" على ثلث الجغرافيا السورية، تحاذي مناطق حدودية مع العراق ومناطق أخرى حدودية مع تركيا في شمال وشرق البلاد. وفي حين أكد جهاديون استهداف موقع لجيش المهاجرين والأنصار في ريف حلب الغربي، قالت مصادر سورية معارضة، إن مقار لتنظيم "أحرار الشام" تعرضت أيضا للقصف في المنطقة، إلى جانب مقار لـ"جبهة النصرة" في شمال سورية.

وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن التحالف الدولي شن أكثر من 40 غارة وضربات جوية ضد مواقع "داعش" أسفرت عن وقوع 400 مقاتل على الأقل بين قتيل وجريح، مشيرا إلى وقوع بعض المدنيين.

وبين مدير المرصد رامي عبد الرحمن، أن الغارات والضربات الصاروخية "استهدفت مقار وتمركزات مجمل الفصائل السورية المرتبطة بتنظيم (القاعدة) ومتفرعاته"، موضحا أن الغارات التي ضربت مقرات في محافظات دير الزور والحسكة والرقة وحلب وإدلب "استهدفت تمركزات "داعش" و"النصرة" و"أحرار الشام" و"حركة المجاهدين" و"جيش المجاهدين والأنصار"، مؤكدا أن 120 قتيلا في صفوفها على الأقل سقطوا جراء الضربات، بينهم 70 قتيلا في صفوف "داعش" بينهم 15 سورية، وجرى توثيقهم بالصور والأسماء، إضافة إلى 50 مقاتلا من "جبهة النصرة".

وقال عبد الرحمن، إن "داعش" الذي لم يعترف بخسائره "فتح الحدود مع العراق بشكل مباشر لنقل جرحاه إلى مشارف ميدانية في مناطق حدودية مع سورية موجودة تحت الأرض"، مشيرا إلى أن "أقصى ضرباته تلقاها في حاجز الفروسية والطبقة في الرقة، حيث قتل أكثر من 20 مقاتلا".

ولفتت مصادر ميدانية سورية في الرقة، إإلى أن مجموعة من الصواريخ استهدفت مبنى المحافظة ومبنى عسكريا يقيم فيه قياديون للتنظيم في مدينة الرقة، مؤكدة استهداف معسكر الطلائع ومبنى الفروسية.

وأوضح ناشطون أن الضربات استهدفت منطقة تل أبيض، وعين عيسى والطبقة، وهي مدن كبيرة في محافظة الرقة، لكنهم أشاروا إلى أن قيادات "داعش" اختفت عن الأنظار، إذ "أخلت تلك القيادات مراكزها الحساسة ومواقعها القيادية في الرقة، في حين اختفى القياديون"، مرجحين أنهم تحركوا في اتجاه مواقع مجهولة.

وأبرز المرصد السوري أن أكثر من 50 قتيلا من النصرة سقطوا في ريف المهندسين في حلب، معظمهم من المقاتلين الأجانب، إضافة إلى مقاتلين سقطوا في استهداف مقراتهم في ريف إدلب الغربي. وقال إن 8 مدنيين قتلوا في القصف على منطقة كفر دريان الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي حلب وإدلب، هم من الجنسية السورية، بينهم طفلة وشقيقتها، وسيدة وطفلها.

وشنت قوات التحالف، غارات على مواقع "جبهة النصرة" في المنطقة الفاصلة بين محافظتي إدلب وحلب (شمال سورية). واستهدفت 3 صواريخ مقر الجبهة في بلدة كفر دريان في إدلب، أسفرت عن مقتل 10 مقاتلين من الجبهة على الأقل في المنطقة، بالإضافة إلى "مدنيين"، بحسب ما زعم التنظيم في مواقع جهادية في "الإنترنت". وادعت المواقع الجهادية سقوط 30 مدنيا بين قتيل وجريح نقلوا إلى المستشفى الميداني، على الرغم من تأكيد المرصد أن الضحايا المدنيين لا يعدون بالعشرات. كما استهدفت مقار للجبهة الواقعة على أطراف معرة النعمان، ظهر أمس، بغارة جوية، من غير أن تعرف ما إذا كانت قوات التحالف شنتها أم الطيران السوري النظامي.

وأقر التنظيم المتشدد بمقتل أبرز قناصيه الذي يتصدر، بحسب مقربين من الجبهة، المرتبة السادسة على مستوى القناصين في العالم، ويدعى أبو يوسف التركي، إضافة إلى مقتل محسن الفاضلي، وهو قيادي سابق في تنظيم القاعدة، وقيادي بارز حاليا في جبهة النصرة.

ونفذت القوات الأميركية ضربات ضد مجموعة متطرفة أخرى توجد في حلب (شمال) هي مجموعة خرسان التي تضم عناصر سابقين من القاعدة. أرجعت واشنطن، سبب الضربة "لإحباط الهجوم الوشيك ضد الولايات المتحدة ومصالح غربية الذي كانت تخطط له" المجموعة. وانضمت عناصر "مجموعة خراسان" إلى تنظيم "جبهة النصرة" (ذراع تنظيم القاعدة في سورية)، في حين ينفي ناشطون في إدلب معرفتهم بهذا الفصيل المتشدد.

وأكد الجنرال ويليام مايفيل، مدير العمليات لهيئة الأركان المشتركة، الثلاثاء، أن الضربات استهدفت مجموعة "خراسان". وأوضح أن "التقارير الاستخباراتية أشارت إلى أن المجموعة كانت في المراحل الأخيرة من التخطيط لتنفيذ هجمات كبيرة ضد أهداف غربية وربما أراضي الولايات المتحدة". وقال إن أكثر من 40 صاروخ توماهوك أطلقت، وإن "أغلبية الضربات بهذه الصواريخ كانت ضد (خراسان)".

وفي غضون ذلك، أخلى قسم من سكان الرقة، التي تعرضت لـ20 غارة، منازلهم، كإجراء احترازي، ونزحوا باتجاه مناطق كردية أو مناطق حدودية مع تركيا، في حين أخلى تنظيم "داعش" مقاره في مدينة مبنج بريف حلب الشمالي الشرقي، وفرض حظرا للتجوال في مدينة الباب في الريف الشمالي الشرقي لحلب.