الانتخابات النيابية اللبنانية - صورة أرشيفية

تتواصل عملية فرز الأصوات الأحد في لبنان، بعد انتخابات برلمانية يُرجّح أن تُبقي الكفّة مرجحة لصالح القوى السياسية التقليدية، التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين. وهو الاستحقاق الأول بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين، بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة، وانفجار كارثي في بيروت.

وبلغت نسبة الاقتراع 41 في المئة، وفق نتيجة أولية صادرة عن وزارة الداخلية، وهي نسبة متدنية. ومن المفترض أن تعلن النسبة النهائية لاحقاً.

وبرغم الأزمات، يرى محللون في الانتخابات فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها، بسبب تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية بمقدرات البلاد وحالة الإحباط العام في البلاد.

    الانتخابات فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها، بسبب تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية.

لكن الانتخابات تشكل أيضاً أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.

ويضمّ البرلمان 128 نائباً. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه، وأبرزهم التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون، وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يشغل منصبه منذ 1992.

وأقفلت صناديق الاقتراع عند السابعة مساء، باستثناء عدد من المراكز التي بقيت مفتوحة إلى حين إدلاء كل الناخبين الموجودين داخلها، بأصواتهم.

وبدأت نتائج أولية بالظهور من الماكينات الانتخابية للأطراف المتنافسة، وتُبين كما هو متوقع، عودة حاسمة للأحزاب التقليدية.

لكن بدت أحزاب ومجموعات معارضة متفائلة في تحقيق خروق في عدد من الدوائر، أبرزها دائرة في الجنوب عادة ما تكون كلها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه.

ومن المرجح أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بالمقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً)، لكن لا يستبعد محللون أن يخسر حليفه المسيحي الأبرز، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعداً عام 2018.

وقد أدلى رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، قبل قليل، بتصريحات صحافية عكست بوضوح هذا التراجع، إذ قال إن التيار الوطني الحر لم يخض معركة مع أطراف داخليين، “نحن في معركة بدأت بالحد الأنى منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 (تاريخ الانتفاضة الشعبية) مع أميركا، مع إسرائيل ومع حلفائها الإقليميين بالمنطقة”.

وقال إنه لا يريد استباق الأرقام، لكن التيار ستكون له “كتلة كبيرة”، من دون تفاصيل.

    الانتخابات تشكّل أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة

وبدا منذ البداية أنه سيكون صعباً أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع، بسبب تضافر عوامل عدة، أبرزها نقص الموارد المالية لدى المعارضين وضعف الخبرة السياسية، وقانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية، وتشتت المعارضة وعدم توحدها في لوائح مشتركة.

وجرت الانتخابات وسط انهيار اقتصادي، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. كما يعاني لبنان شحاً في السيولة وقيوداً على السحوبات المالية من المصارف وانقطاعاً في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم.

وجاءت الانتخابات بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت، وأودى بأكثر من مئتي شخص، وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.

وفي بلد تتخطى فيه ساعات التقنين 22 ساعة، نشرت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات (لادي) صورة تظهر موظفين يفرزون الأصوات باستخدام هواتفهم للإضاءة في أحد المراكز. وانقطع التيار الكهربائي خلال اليوم عن مراكز عدة، كما اضطر ناخبون لاستخدام هواتفهم للإضاءة أثناء الاقتراع وراء الساتر.
 انتهاكات

وساهمت الأزمات، خصوصاً انفجار المرفأ، في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما الشباب الذين هاجر آلاف منهم.

لكن رغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين التحقيق في الانفجار، بعد الادّعاء على نواب، بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الحملة الانتخابية.

    رغم النقمة، التي زادتها عرقلة المسؤولين التحقيق في الانفجار، بعد الادّعاء على نواب، بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية قواعدها الشعبية.

واستنفرت الأحزاب التقليدية قواعدها الشعبية، وانتشر مندوبوها بكثافة أمام مراكز الاقتراع التي وقعت في بعضها صدامات بين مناصرين حزبيين، أبرزها بين مناصري حزب الله ومناصري أبرز خصومه حزب القوات اللبنانية.

وجرت الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سني بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.

وخاض عدد كبير من المرشحين الانتخابات تحت شعارات “سيادية”، منددة بحزب الله الذي يأخذون عليه انقياده وراء إيران وتحكّمه بالبلاد نتيجة امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة. ويطالبون بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وبين المرشحين المعارضين من يحمل الشعارات نفسها.

ووثقت “لادي” التعرّض لمندوبيها في مناطق عدة بالتهديد أو الضرب، الجزء الأكبر منها في مناطق نفوذ حزب الله. وأظهرت مقاطع فيديو وصور مرافقة مندوبين مندوبين عن حزب الله وحركة أمل رافقوا ناخبين خلف العازل في بعض الأقلام الانتخابية.

وأوقفت القوى الأمنية مندوب لائحة معارضة في حارة حريك جنوب بيروت، لشتمه الرئيس ميشال عون أثناء خروجه من مركز الاقتراع.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

عون يدلي بصوته ويدعو اللبنانيين إلى الإقبال على التصويت لتحديد مستقبل بلدهم

اللبنانيون إلى صناديق الإقتراع وإجراءات أمنية مشدّدة لإنتخاب أعضاء برلمان جديد وسط أزمة إقتصادية خانقة