رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يرزح تحت أثقالها اللبنانيون، والتي لم يشهد لبنان مثيلًا لها حتى في عزّ الحروب التي مرّت على أرضه، ها هي العتمة تُطبق على ما تبقى من أنفاس عند الناس، فيما "حكومة الذئب" الفاشلة غارقةٌ هي الأخرى في عتمةٍ تشبه نومة أهل الكهف.

في خضمّ كل ذلك، تتلهّى هذه الحكومة بكيديةٍ سياسية تامة، تحاول من خلالها التعمية على فشلها، وتتناسى أزمة الدولار، وأزمات الكهرباء، وتهريب المازوت، وفقدان السلع الأساسية من الأسواق، والغلاء الفاحش، والبطالة المتزايدة، ونِسَب الفقر المدقع، ووباء كورونا، والنفايات، وغيرها الكثير من الملفات، للتفرغ لملف تراه أم القضايا، وهو سدّ بسري الذي تبيّن أن ما يستبطنه أكثر مما هو ظاهر، إذ بدأت تتكشف منه روائح السمسرات والصفقات والفساد.

ومع أصوات التهديد والوعيد التي علت أمس محاولةً اللعب على الأوتار المذهبية، والمناطقية، وتصوير رافضي السدّ وكأنهم جزءٌ من الحرب الكونية على الفريق الممانع، أكّد اللقاء الديمقراطي تمسّكه والحزب التقدمي الإشتراكي، والبلديات، والمجتمع الأهلي، برفضهم القاطع للمشروع لأسبابٍ تقنية - جيولوجية، وبيئية، واجتماعية، وإنسانية.

عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله، أكّد على الموقف الرافض لإنشاء السدّ لاعتباراتٍ علمية توصّل إليها الخبراء، والتي تشير إلى مخاطر السدّ في هذه المنطقة الواقعة على فالق زلزالي، والمعرّضة للزلازل والانخسافات الأرضية، ولفتَ إلى معلوماتٍ عن وجود بحيرةٍ تحت سطح المرج، وأن إقامة سدٍ ستؤدي إلى كوارث طبيعية.

وردًا على كلام النائب جبران باسيل عن بيع فائض المياه من بسري، علّق عبدالله بالقول: "كما نجح في بيع الكهرباء سينجح في بيع فائض السد، وفائض المياه من السدود التي أنشأها في مناطقه". وأضاف: "المشكلة أن لديهم حليفًا سياسيًا يؤازرهم دائمًا، مستغربًا، "كيف أن حزب الله الذي يرفع شعار معركة محاربة الفساد، والصفقات، والسمسرات لا يحرّك ساكنأ عندما يصل الأمر إلى التيار الوطني الحر، والدليل ملف الكهرباء".

وعن أسباب موقف حزب الله الداعم للتيار، قال عبداالله إن "الحزب يمرّ اليوم بلحظة حرجة، خصوصًا بعد مطالبة البطريرك الراعي بحياد لبنان، وهو مضطرٌ في هذا الوقت لدعم حليفه التيار الوطني الحر للأسباب المعروفة".

وحول ما يتوقّعه بعد الرابع من أيلول، الموعد الجديد لوقف تمويل السد، أشار عبدالله إلى الرفض المطلق من المجتمع المدني، وأهالي المنطقة، والبلدات المحيطة، وعدم تراجعهم عن هذا الرفض.

الناشط البيئي بول أبي راشد، وصف لـ "الأنباء" عملية تأمين المياه لبيروت بأنها كقصة النفايات، حيث تقوم القيامة وبعدها يأتي الحل من تحت الطاولة، مشيرًا إلى رائحة صفقات وسمسرات في الموضوع. ورأى أنه في حال قرّرت الدولة إنشاء السد فلن تصل المياه إلى بيروت قبل عشرين سنة، لأن الدراسات العلمية أثبتت وجود تشقّقات في الأرض، ولا يمكن أن تتجمّع معها المياه، وسيكون وضع السد مشابهًا للسدود الفاشلة التي أنشئَت مؤخرًا، وكل ما في الأمر أنه ستتمّ المتاجرة بالصخور والرمل وغيرها. وسأل عن المنطق الذي يقول إن مياه الليطاني لن تكون صالحة للشرب، ومياه بسري ستكون صالحةً أكثر.

وأكّد أبي راشد دعم المجتمع المدني للمقاومة لتحرير مزارع شبعا. لكن في الوقت نفسه يستمر المجتمع المدني بالمقاومة لتحرير مرج بسري من المشروع التدميري، وكشف عن بديلٍ لديه لتأمين المياه للضاحية في أقلّ من سنة، بدل انتظار أهل الضاحية عشرين سنة لتصلهم المياه

وشدّد أبي راشد على أن المجتمع المدني يعمل على المحافظة على "درب المسيح"، وتحويل مرج بسري إلى محميةٍ طبيعية تدرّ المال للدولة بعشرات الأضعاف، مستغربًا كيف تحولت مسألة سد بسري إلى قضيةٍ عالمية أكثر من سدّ النهضة في أثيوبيا. واقترح أبي راشد توسيع قناة مياه جعيتا لتغذي بيروت بدون هذه الكلفة الباهظة.

من ناحية ثانية رأت مصادر نيابية عبر "الأنباء" أن "التحوّل في خطاب رئيس الحكومة حسان دياب، التحريضي والتخويني، لخصومه إنما يؤكّد الفشل الذي يُخفي خلفه شخصيةً حاقدة لا تريد أن تسمع إلّا نفسها، وفي المقابل تُلصق كل ما فيها من عيوب بغيرها، وخاصةً بعد فشله في إدارة شؤون الدولة، وتحوّله من رئيس حكومة إلى واجهةٍ في أيدي مشغّليه".

مصادر "تيار المستقبل" قالت لـ "الأنباء" إن دياب لم يفاجئها منذ اليوم الأول لنيل حكومته الثقة، "فهو يريد إقناع الناس بأنه فعل الكثير". ولفتت المصادر إلى أنه، "يكفي ما يشهده لبنان من ظلمة، والناس من إفقار، لإعطائه شهادة في تحقيق الإنجازات، فيما الإنجاز الوحيد الذي يحق لدياب أن يفتخر به مع مَن يقف وراءه هو عزل لبنان عن محيطه، وجرّه ليكون تابعًا لمحور الممانعة، وهذا ما سيخلّده التاريخ".

قد يهمك ايضا  

سفيرخادم الحرمين الشريفين لدى أثيوبيا يقدم أوراق اعتماده

 

العثور على رفات 34 مسيحياً أثيوبياً ذبحهم داعش في ليبيا