العيد اليتيم  والديموقراطية بالطائفية

العيد اليتيم .. والديموقراطية بالطائفية!

العيد اليتيم .. والديموقراطية بالطائفية!

 لبنان اليوم -

العيد اليتيم  والديموقراطية بالطائفية

طلال سلمان

اندثرت «السياسة» في الوطن العربي جميعاً، ومن ضمنه لبنان.
تهاوت الأحزاب العقائدية ذات المبادئ التي كانت مشعة ذات يوم، و «تنظيماتها الحديدية» وأهداف تغيير الواقع، تمهيداً لبناء الغد الأفضل.
وكان طبيعياً أن يضرب الوهن النقابات والهيئات التمثيلية للعمال وسائر الكادحين في طلب الرزق بلا ضمانات ولا حماية، ولو معنوية.
... وهكذا مرّ يوم الأول من أيار، عيد العمال العالمي، مرور الكرام، أهم ما فيه أنه يوم إجازة رسمية، لولا تظاهرة يتيمة للحزب الشيوعي عمادها الأساسي مجاميع من الطلبة وصغار الموظفين، بينما يمشي في الخلف بعض النقابيين المتقاعدين، ثم الختام لخطاب مدوّي الكلمات للرفيق الأمين العام يستمد شرعيته من الماضي ولا يصل صداه إلى الحاضر فكيف بالمستقبل؟!
ولقد عاشت أجيال سابقة أحلاماً على حافة الفرح وهي تنتظر «عيد الشغيلة» لكي تحتفل بقرب انتصار الطبقة العاملة على المحتكرين الجشعين ومستغلي عرق العمال لكنز الثروات..
أما اليوم فلا عمال، ولا طبقة عاملة، ولا نقابات عمالية.. والأول من أيار عيد يتيم، لأن «أهله» قد غادروه فغادرهم.
قبل جيلين أو ثلاثة بل أربعة، تفجرت المجتمعات بحركات ثورية قرّبت مواعيد الأعياد بانتصار إرادة التغيير.. لكن «العسكر» التهم الثورات وحوّلها إلى «انقلابات» بدّلت أشخاص الحكام وأساليب ممارسة السلطة مصادِراً «المجتمع» بقواه الشعبية ومطامحه المشروعة في غد أفضل خارجها، مضيّقاً أمامها هامش الاعتراض حتى الاختناق..
صار «عيد العمال» عيداً للسلطة، خصوصاً وقد ألغت الأحزاب وهيمنت على النقابات وصادرت وسائل الإنتاج واحتكرتها بالشراكة مع أهل «رأس المال»، وصار «العيد» مناسبة إضافية لتأليه الحكم باعتباره «العامل الأول».
تم تفريغ «الشارع» من قواه الحية، وبات المناخ مشجعاً لدعوات التطرف.. وسرعان ما لجأ اليائسون من العمل السياسي المفتوح على الأفكار والنقاش الحر والتجربة بالصح والغلط، إلى «الشعار الديني» فنزلوا «تحت الأرض»، وباشروا عملهم السري في العتمة حيث تضيع «الحدود» بين «الممكن» و «المطلق»، وتصبح «السياسة» كفراً وتجديفاً على العزة الإلهية، ويصير «الشرع»، بتفسير مبتدع ومغاير لأصوله، هو مرجع الأحكام على الأفكار والعقائد والأشخاص جميعاً.
لهذا، لا عيد للعمال، الذي تحايل على مضمونه النظام اللبناني الفريد في بابه فجعله عيداً للعمل، بينما جعله الواقع المعيش مناسبة لتأكيد غياب العيد لغياب أهله.
& & &
... وفي مجال تأكيد انعدام «السياسة» وانسداد الأفق أمام العمل العام بعيداً عن الطوائفيات والمذهبيات وما اشتق منها، لا بد من وقفة أمام «خبر» لم يلفت الاهتمام العام برغم أن له دلالاته المؤثرة:
فقبل أيام أُعلنت وفاة «منبر الوحدة الوطنية»، الذي حاول الرئيس سليم الحص أن يتحصن فيه (ومن معه) كموقع وطني يهتم بالشأن العام من خارج الاستقطاب الطائفي والمذهبي، يطل منه كمرجعية وطنية معنية بما يصيب البلاد والعباد... وقد استقطب هذا المنبر نفراً من الطامحين والخارجين من تجارب حزبية غير ناجحة، والباحثين عن إطار جامع لعمل سياسي يتخطى حواجز الطائفية والمذهبية والمرجعيات السياسية بقوة الأمر الواقع.
والحقيقة أن إعلان وفاة هذا المنبر الوطني قد تأخر كثيراً... فأهله لم يكونوا يريدون له أن يصير حزباً، ثم إن تكوينه لم يسمح له بأن يكون أكثر من تجمع حول شخصية وطنية محترمة غنية بتجربتها، مترفعة عن السلطة بعد تجربة حافلة بمراراتها، ولكنها «فوق حزبية».. وهي مع اعتراضاتها الكثيرة على النظام وتركيب السلطة فيه وممارساتها، ترفض التغيير بالقوة والمنطق الانقلابي وتكرز إيمانها بالديموقراطية بينما الغول الطائفي يبتلع البلاد والعباد.
لا عمال، ولا نقابات، ولا أحزاب سياسية.. ولا حتى منبر، مجرد منبر، للعمل الوطني خارج القيد الطائفي..
عشتم وعاش لبنان!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيد اليتيم  والديموقراطية بالطائفية العيد اليتيم  والديموقراطية بالطائفية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon