حب وسيدتان

حب وسيدتان!

حب وسيدتان!

 لبنان اليوم -

حب وسيدتان

حسين شبكشي
بقلم: حسين شبكشي

بعيداً عن «كوفيد - 19» و«كورونا» واللقاح والاقتصاد والسياسة، فلنأخذ قسطاً من الراحة منها جميعاً ونحاول أخذ نفس عميق ونغير الموضوع قليلاً. اليوم يحتفل العالم كعادته في الموعد نفسه من كل عام بيوم الحب. فينتشر اللون الأحمر في كل مكان، ويتم فيه تبادل الهدايا من ورود ودببة مبطنة وقطع من حلوى الشوكولاته أو الفراولة مع بطاقات فيها عبارات رقيقة للتعبير عن المناسبة العاطفية. ولا يخلو الأمر من مظاهر موسيقية ليحلو وقتها الاستماع لأشهر الأغاني العاطفية التي تغنت بالحب.

وفي عالمنا العربي، الذي يشارك في هذه المناسبة، يحصل إقبال استثنائي على الأغاني العاطفية من مختلف المشارب والأذواق ما بين عمالقة أصوات الأمس ونجوم الحاضر. إلا أن هناك حضوراً استثنائياً يبقى للسيدة فيروز والسيدة أم كلثوم حين الحديث عن أغاني الحب. الفرق بين فيروز وأم كلثوم هو تماماً أشبه بالفرق بين بنت يافعة في سنواتها الجامعية في ربيع عمرها الجميل، وبين ربة منزل وزوجة بالكاد تمكنت من أن تنوم أطفالها وتقوم بوضع اللمسات الأخيرة لترتيب بيتها قبل أن تخلد للراحة والنوم بعد عناء يوم مرهق وطويل جداً.

فيروز دوماً ما تغني للبدايات الوردية؛ تغني للحبيب المثالي الذي لا ترى فيه عيوباً بل وتغفر له فوراً بقولها: تعا ولا تيجي واكدب علي. تغني للحب الخارج عن حدود الممكن والمنطق والمعقول، الذي يجعلها تبقى عشر ليالٍ سهرانة بتركيز كامل على سطح بيتها لأجل أن تأتي بالقمر لحبيبها. وهي حالة عامة تدور في مخيلة البنات بشكل عام قبل أن تقوم الحياة بعصرهن جيداً وتمنحهن الدروس القاسية التي لا تنسى والتي ستسمى بعد ذلك بالخبرة المكتسبة.

وصوت فيروز الملائكي وجسمها الرقيق النحيل، يتماشيان تماماً مع رقة وعذوبة ونعومة الكلمات التي تشدو بها وتشبه فيها حبيبها بالمغرور. تنشد فيروز عن عالم مليء بالأحلام والطموحات في الحب، والدنيا لا يمكن وصفها إلا بالبريئة والصافية... ألم تكن هي التي تساءلت: بحبك ما بعرف ليش؟! أسلوب فيروز في الوقوف على المسرح، الذي أصبح مع الوقت علامة فارقة يشبه في وقاره وعزة نفسه كبرياء الفاتنات الصغيرات اللاتي لم تختبرهن الحياة، وبالتالي من المنطقي أن تكون عصفورة الساحات التي ظلت في حيرة مؤلمة حين قالت: أنا عندي حنين ما بعرف لمين.

وفي المقابل هناك «الست» أم كلثوم المرأة التي أدخلتها الدنيا في خلاط كبير لتعجنها بشكل عنيف. فهي تغني للحب الصعب والمؤلم المليء بالتجارب المريرة والمذلة. تدرك تماماً عيوب حبيبها، ومع ذلك تغني له وعزة نفسها منعاها. هي الست التي علمتها الحياة وجعلت نبرة السخرية تخرج من صوتها وهي تقول: وللا فاكر كلمة حتعيد اللي كان؟! كوكب الشرق التي نعرفها تحكي عن تجارب مؤلمة وعِشرة عمر وسنين طويلة جداً جعلت منها امرأة ناضجة وراسخة تحب وتتألم لتصل إلى الحد الذي تقول فيه: صالحت بيك أيامي وسامحت بيك الزمن. ألم وتجارب لا يغيب عنها أفراحه وأتراحه وهي تقول: وافتكرت فرحت وياك قد ايه.

كوكب الشرق تشبه امرأة متزوجة ولديها أولاد وتعلم جيداً كم أنهك عمرها هذا الزواج، فهمت الدنيا بالشكل المطلوب ليظهر هذا كله على أدائها ممسكة بالمنديل وكأنها تخنق به آلامها كلها وكأن قطار الدنيا دهسها مراراً وتكراراً ذهاباً وإياباً. فيروز تستمع إليها و«مزاجك رايق»، أما أم كلثوم فتسمعها لكي تروق مزاجك. فيروز حالمة محلقة تقع في مكان ما بين النجوم البعيدة، فهي ضعيفة بحبها من مدرسة أنه لا كرامة في الحب، أما أم كلثوم فهي قوية ومتماسكة بقدمين ثابتتين في عمق الأرض بواقعية مذهلة، وهي من مدرسة أن الحب هو كل الكرامة بعينها. فيروز وأم كلثوم كلتاهما تغنيان للحب، ولكن معهما يكتشف المستمع لهما أن الحب أنواع وأشكال وأصناف.

غنى للحب بالعربية المئات من الأصوات عبر الزمن، ولكن تبقى مدرستا فيروز وأم كلثوم الأكثر تأثيراً؛ فالأولى يبدأ بها العشاق صباحهم والثانية يختم بها الحبيبة ليلهم. ولكن الحب مختلف بحسب الرسالة وناقلها، فحتماً من تقول: حبيتك بالشتا وحبيتك بالصيف، مختلفة تماماً عن التي قالت: حب إيه اللي أنت جاي تقول عليه... أنت عارف قَبَلَ معنى الحب إيه.
يوم حب سعيد على الجميع.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حب وسيدتان حب وسيدتان



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon