الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي

الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي

الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي

 لبنان اليوم -

الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

لم يكن العالم بحاجة إلى أن تعلن منظمة الصحة العالمية، اعتبار فيروس كورونا بمثابة الوباء، حتى تنتشر حالة الهلع والخوف، كافة أرجاء المعمورة، مع أن البشر يشهدون تباعاً ما بين فترة وأخرى، انتشاراً للأوبئة، كذلك العديد من الكوارث الطبيعية، ورغم أن "كورونا" الذي ظهر مع نهاية العام المنصرم، ظهر أولاً في مقاطعة "هوبي" الصينية، وبالأخص في عاصمتها "ووهان" قد أصاب نحو مئة ألف إنسان خلال نحو عشرة أسابيع، ورغم أن نسبة الوفيات من المصابين لم تتجاوز 5%، إلا أن العالم قد أصيب بهلع غير مسبوق، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل، حول سبب انتشار الفيروس غير المعروف من قبل، من جهة، ومن جهة أخرى، أسباب كل هذا التهويل الذي رافق ظهور المرض.

قبل الخوض فيما يرجح سوء النوايا لدى بعض مراكز القرار والحكم العالمي، يمكن القول، بأنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالهلع والخوف، إزاء ما هو غامض، أو غير معروف إليه من قبل، فكثير من حالة الخوف تجاه فيروس "كورونا" يعود بالأساس، إلى عدم وجود المصل المعالج له، حيث اكتفت معظم الدول التي ظهر فيها، وقد تجاوز عددها نصف دول العالم، ولكن بعضها كان بعدد العشرات فقط، حيث أن إنسان العصر الحديث الذي ازدادت وسائل رفاهيته، اعتاد على معالجة كل الأمراض التي يتعرض لها، بالعلاج الطبي، أي ليس اعتمادا على المناعة الطبيعية، ولا على العلاج الطبيعي، المتمثل بالأعشاب أو وسائل العلاج الأخرى، لذا فقد كان المظهر الرئيسي لمواجهة المرض هو فرض الحجر الصحي على المصابين.
أما سوء النوايا فتظهر استنادا إلى "الدول" التي ظهر فيها الفيروس بقوة أكثر من غيرها، وبالتحديد الصين أولا ثم إيران ومن ثم إيطاليا، حيث معروف بأن الصين تمثل التحدي الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة، فيما تمثل إيران التحدي السياسي/العسكري الإقليمي لكل من أميركا وإسرائيل، وبالنظر إلى أن "التهويل الإعلامي" أحدث آثاراً اقتصادية بالغة، يكفي أن نشير هنا، إلى أن بريطانيا وهي ليست دولة قوية جداً اقتصادياً قد خصصت نحو 40 مليار دولار كحزمة إنفاق للحد من آثار "كورونا" على اقتصادها.
الأمر لم يتوقف عند حدود الصين وإيران، فوصوله إلى ايطاليا واليونان، أي إلى أبواب أوروبا، يعني بأن محور الاتحاد الأوروبي، نقصد الاقتصاد الألماني ليس بمأمن ولا هو ببعيد عنه، لدرجة أن تعلن أنجيلا ميركل أول من أمس بأن نحو 60_70% من الألمان معرضون للإصابة بالمرض، يضاف إلى كل ذلك انخفاض حركة الاتصال والتواصل بين البشر في كافة أنحاء المعمورة، فقد فرغت الكثير من مدرجات الملاعب من المشاهدين، فيما حركة التنقل وصلت إلى مستويات متدنية، لدرجة أن الكثير من الاجتماعات الدولية قد ألغيت، وبعد شهرين فقط، بلغت نسبة الانكماش في الاقتصاد الصيني 2%، فيما كان تأثير المرض على مجمل انسياب الاقتصاد العالمي نحو 50 مليار دولار.
الأمر يعني بأن "خضة عالمية" قد أصابت البشرية، أظهرت هشاشة النظام العالمي من جهة، ومن جهة أخرى، أظهرت بأن العالم ليس أنه غير آمن ولا مستقر وحسب، بل أنه غير متكافل كثيراً، وأن الكثير من أسرار الكون والسياسة ما زالت رغم كل التطور الذي حدث في وسائل الاتصال والتواصل العالمي، خارج دائرة التداول والمعرفة العامة، كذلك أظهرت الحالة بأن الإعلام ومراكز التحكم الدولية به تلعب دوراً كبيراً في السيطرة والتحكم، ليس بعقول البشر فقط، ولكن أيضاً بعواطفهم وأرواحهم وإرادتهم.
كم من إجراءات سياسية يمكن ترتيبها في الخفاء، وفي ظل انشغال العالم بكارثة طبيعية أو بيئية، لمجرد أن يقوم الإعلام الكوني بالتهويل لها، تماماً، كما حدث عندنا في العالم العربي قبل نحو عقد من السنين، حين هيأ لنا الإعلام الأميركي وأجهزة الإعلام الإقليمي المرتبطة به، سهولة إسقاط الأنظمة، فعشنا في عالم افتراضي، كان من نتيجته نشر وبث الأوهام والأحلام بين المواطنين العرب، وما زال يشغلهم عن الانغماس الحقيقي في الواقع المعاش، والهبوط من برج العالم الافتراضي، والاهتمام بجذر الخطر الحقيقي على حياة ومستقبل نحو 400 مليون عربي، المتمثل بأحلام إسرائيل الكبرى.
ومن المثير للانتباه ما ظهر عليه التنين الأصفر الصيني من رباطة جأش، حيث كان الجميع يشعر بالهلع، أكثر من الدولة العملاقة التي ظهر فيها المرض، وربما كان حالها يقول "يا جبل ما تهزك ريح" أو أن الفيل لم يشعر بالبعوضة، فدولة المليار ونصف إنسان، لن تنهار لمجرد وفاة 4 آلاف، لكن كما أشرنا، بل كانت الخشية من التأثير الاقتصادي السلبي، فكل ما تمني الولايات المتحدة النفس به، هو انكماش الاقتصاد الصيني، أما إيران فإنها ليست بحاجة إلى مزيد من التأثير السلبي على اقتصادها المرهق بفعل العقوبات، لذا فإنه يمكن القول، بأن العالم سيتجاوز بعد فترة محنة المرض، لكن آثاره هي التي لا بد من رصدها وتتبعها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي الفيروس يصيب الاقتصاد العالمي



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon