في معنى «المساواة»

في معنى «المساواة»

في معنى «المساواة»

 لبنان اليوم -

في معنى «المساواة»

عمار علي حسن

تمثل المساواة الضلع الثالث فى مثلث القيم العظيمة، حيث تشكل مع الحرية والعدالة، المثل العليا التى يصبو البشر إلى تحقيقها منذ أول الخليقة، وهى قيمة مهمة فى حياة النظام الديمقراطى، ففى حال انحدار مبدأ المساواة بشكل طبيعى من إيمان بالكرامة الإنسانية، وحين يكون حصيلة للاحترام المطلق للاستحقاق الإنسانى، يصبح أمراً كافياً لإيجاد الديمقراطية.

وتعنى المساواة، بمفهومها العام، وجود حالة من التماثل بين أفراد المجتمع أمام القانون، بغض النظر عن الميلاد أو الطبقة الاجتماعية أو العقيدة الدينية أو الثروة أو الجنس أو المهنة. وقد بيّن ابن منظور فى «لسان العرب»، فى معرض حديثه عن الاشتقاق اللغوى للمساواة، أن «التساوى هو التماثل.. والمتساويان هما اللذان لا ينبو أحدهما عن الآخر.. والسوية هى العدل والنصفة». لكن هناك اختلافاً بين المفكرين حول «المساواة المادية»، فالبعض يرى أن تحقيق المساواة بشكل مطلق، أو طريقة رياضية بحتة يضر بقيم الحرية والعدالة والإنجاز، ويتعارض مع مبدأ التدرج، الذى يبدو أنه يشكل قانوناً طبيعياً لحياة البشر، إذ ليس من العدل أن يتساوى الناس فى العائد أو المكافأة المادية، رغم تفاوت جهودهم وعطائهم الناجم عن اختلاف قدراتهم واستعداداتهم الطبيعية، كالصحة والذكاء والاتزان العاطفى. وفى المقابل يرى البعض أن عدم تساوى البشر فى الخصائص الطبيعية قد يكون مجرد نتيجة لعدم توافر المساواة الاجتماعية، فالصحة المعتلة مثلاً تنشأ عن سوء التغذية، ويكون الذكاء المتدنى مجرد انعكاس لأمية أسرة فقيرة. ولهذا نادت الماركسية بمبدأ «من كل على قدر طاقته ولكل على حسب حاجته»، لكنها فشلت، عملياً، فى تطبيق هذا الأمر، مما يفتح الباب مجدداً أمام إعادة النظر فى المفهوم العملى لقيمة المساواة.

وهنا يمكن التأكيد على أن المساواة تعنى التساوى فى مختلف الأوضاع بما يمكّن الناس من ممارسة حياتهم على أساس من تكافؤ الفرص، وليس على أساس التساوى الحسابى البحت. ولذا يجب أن يكون التساوى فى الحقوق والواجبات الإنسانية أمام القانون الذى يضبط حركة المجتمع، ويقوم على التوازن أو التراضى بين كافة أعضاء الجماعة، ويخلص لتحقيق مصلحتهم دون تمييز. أما النواحى المادية فيجب أن تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، ومنع الاستغلال، ثم يتم ترك الناس ليحصلوا على عائد مادى يتناسب مع حجم إنجازهم، أو مقدار الجهد الذى يبذلونه، وبذلك لا تضار الحرية، ولا العدالة.

لكن هذا لا يمنع فى حال حدوث تفاوت حاد، يتعدى مسألة التدرج الطبيعى، جرّاء وقوع ظلم اجتماعى أو فساد سياسى واقتصادى، من التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها، حيث يؤدى تركز الثروات القومية فى أيدى الأقلية إلى الانتقاص من حقوق بقية المواطنين، ونكون فى هذه الحالة أمام غياب العدل الاجتماعى، الأمر الذى يضر، دون شك، بالمصلحة العامة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في معنى «المساواة» في معنى «المساواة»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon